الضغوط المهنية و أثارها على العمال نفسيا و صحيا
صفحة 1 من اصل 1
الضغوط المهنية و أثارها على العمال نفسيا و صحيا
المداخلة ل:أ.سميربن موسى -جامعة وهران-ال
المداخلة بعنوان:الضغوط المهنية و أثارها على العمال نفسيا و صحيا - نموذج مركب لتميع الغاز بارزيو بمجمع سونطراك-
المقدمة:
يواجه الإنسان في حياته العديد من المخاطر و الصعوبات و التهديدات والضغوط التي يجب التعامل معها بفعالية للحد من أثارها ،و قد استطاع الإنسان أن يتجاوز تلك التحديات البيئية و التغلب عليها لتفادي أثارها المدمرة لجسمه و عقله و محيطه بفضل اجتيازه لعمليات التحضر و التقدم العلمي بجميع أشكاله و طرائقه ، إلا أن هذا التقدم و التحضر أصبح بدوره يمثل تهديدات واضطرابات في حياتنا الشخصية و المهنية تحديدًا ، حيث أنها تحدث اضطرابات على مستوى الجهاز العصبي و القلب و الأوعية الدموية و القرحة المعدية و ألام الظهر... و غيرها ، و اضطرابات نفسية من القلق و الاحتراق النفسي و الاكتئاب ...الخ و اضطرابات سلوكية من عادات الأكل و الشرب الغير صحية ، و التدخين و تعاطي الكحول و الإدمان على المخدرات ،واضطرابات النوم و التصرف بسلوكيات عدوانية ، و الإصابة بضغط الدم الشرياني الذي أصبح يهدد حياة 35%من الجزائريين حسب الجمعية الجزائرية لمرض ضغط الدم الشرياني المزمن .
تأتي الضغوط النفسية من تفاعلات نسق الحياة المتعددة ، من مثيرات بيولوجية- كيمياوية مثل الجراثيم ، و التغيرات الهرمونية .....إلخ كما تنشا من مثيرات كامنة في طبيعة بنية النظام
الإجتماعي و الإقتصادي و السياسي ، كما تنشا من مثيرات نفسية : إحباطات ، صراعات نفسية ، مطالب تفوق قدرة الفرد على تحملها و مواجهتها ، و إختلال الآليات الدفاعية لدى الفرد و عدم
التحكم فيها ، وعدم إشباع الحاجات ، وعدم التوافق النفسي - الاجتماعي ؛ لذا فإننا نواجه كل
هذه المثيرات باستجابات قصدية أو غير قصدية في حياتنا العامة و في حياتنا المهنية على وجه
التحديد ، و هذه المواقف الضاغطة تنعكس على الصحة النفسية و التكيف الاجتماعي - المهني
للعمال ، خاصة إذا كان مصدر الضغوط سوء العلاقة المهنية مع رؤساء العمل .
وعلى ضوء المثير او مصدر الضغط المتمثل في العلاقة المهنية مع رؤساء العمل و ما يترتب
عنها من استجابة كرد فعل سلوكي يتمثل في الضغط ، تتجه دراستنا التي أجريت في مجمع
سونطراك مركب تمييع الغاز الطبيعي الرابع بالمنطقة الصناعية ارزيو ولاية وهران عام 2007 .
- تـحديــد الإشكـاليــة :
تَشهد مؤسستنا الوطنية تحوٌلات و تغيـٌرات في بنياتها الإقتصادية من إقتصاد مُوجه إلى إقتصاد حـر ، و هذا ما يُغيٌـر في وسائـل و طـرق التعامُل و العلاقات بين العمال و رؤسائهم ، بحيث وُجِب تفعيل مهارات عملية الاتصال للضبط و التحكم في المواقف الضاغطة و إشراك كل أعضاء المنظومة المؤسساتية في عملية التسيير قصد تجانسهم و تعاضدهم لتحقيق ذواتهم و تكريس مبدأ الانتماء و الولاء للتنظيم ككل ، و تحقيق التوافق النفسي- الاجتماعي و الصحي و المهني، و لكـن إذا بقيت عقلية التسيير كما هي عليه ، ستتفاقم المشاكل داخل المؤسسة و ذلك لإهمال الجانب الإنساني – العلائقـي و ذلك لبروز الفروق الفردية بين العمال و رؤسائهم ، و التي تعتبر من أهم المُعوٌقات التواصل و التفاعل ما بينهم التي ينتج عنها استجابات سلوكية سلبية من ضغوط مهنية تنعكس سلبًا على التنظيم ككل ، بحيث لا تتحقق الأهداف المخطط لها من طرف الإدارة العليا ، و لا يكُون بمقدُورها الإستجابة للحاجات و إهتمامات كل أعضاء المؤسسة ، و لا تستطيع التكيف مع مختلف المُتطلبات و الظروف المُحيطـة داخل و خـارج للمؤسسة بسبب هذا الجو العلائقي المُضطرب بين العمال و رؤسائهم مما تزداد شدة الضغوط و التوترات داخل المؤسسة ، و هذا ما يدفعنا لطرح التساؤلات التالية :
-كيف تكون عملية الإتصال بين الرئيس المُتسلط و مرؤوسيه داخل مركب(GL4/Z)?.
-هل هناك علاقة بين الضغوط و مُعوٌقات الإتصال ( ضمن الفروق الفردية ) حسـب
المتغيرات الفردية لعينة الدراسـة ؟ و هل لمعوقات الاتصال انعكاسات صحية على العمال ؟
- ماهي مُعوٌقات الإتصال داخل المركب ؟ و هل هذه المُعوٌقات ناتجة عن الإتجاه التسلطي للرئيس
في علاقاتــه مع مرؤوسيــه ؟
- ما هي ردود أفعال المرؤوسين الناتجة عن عملية الإتصال بينهم و بين رئيسهم المُتسلط ؟
-هل مستوى الضغوط المهنية تختلـف بإختلاف المتغيرات الشخصية لعينـة الدراسـة ؟
-هل علاقة الرئيس المُتسلط بمرؤوسيه ينتــج عنها ضغطهم المهني ( عن العمل ) ؟
2- صيـــاغــــة الــفـــرضــيــــــــــــــــــات :
بعد طــرح مجموعة من التساؤلات ،و بناءًا على نتائـج الدراسة الأوليـة و ما ٳستخلصته بـعـد الدراسة الاستطلاعية تمـت صياغــة الفرضيات التـاليــة :
الفـــرضيــة الرئيسيــة الأولــى :
1- تُوجد علاقة إرتباطية بين الإتجاه التسلطي للرئيس و مُعوٌقات الإتصال .
الفرضيــة الفرعيــة الأولــى :
- تُوجد علاقة إرتباطية بين الرئيس ذو الاتجاه التسلطي و بين ضغط العمل عند المرؤوسين .
الفـــرضيــة الرئيسيــة الثانيـة :
2- تُوجد علاقة إرتباطية بين عملية الاتصال والتداعيـات الصحيـة على العمال داخل المركـب.
3- أهــــــــــداف الـــدراســـــــــــــة :
تهدف أية دراسة كانت إلى معرفة سبب المُشكلة و نتيجتها عبر وسائل علمية منهجية
و إحصائيــة و تحليليـة و دراستنـا هاتـه تهـدف إلــى :
1-التعرف عن واقع الإتصال في مؤسساتنا الوطنية ، و بالأخص بمجمع سونطراك ، وفي مركب
بُغية معرفة درجة الوعي عند الرؤساء و المرؤوسين حول (GL4/Z) تمييع الغاز بارزيو
قيمة الإتصال كإستثمار يخدُم أهداف المركب و ما يلعبُه من دور هـام في تطوير و تفعيل
القدرات والكفاءات المهنية و تهيئة جو من الإستقرار داخل المؤسسة .
2-معرفة عملية الإتصال بين الرئيس المُتسلط و مرؤوسيه ، كيف تكُون هذه العملية ، ماهي
مُؤشراتها ، و أيـن حـُدودها العلائقيـة ، و بالأخص معرفة تلك المُعوٌقات التي تُعيق السير
الحسن لعملية الإتصال و بالتالي تشكل ضغط حاد له انعكاسات صحية على أعضاء التنظيم .
3- معرفة ردود أفعال العمال نحو الاتجاه التسلطي للرئيس كعائق للإتصال ما بين أعضاء التنظيم
وإنعكاس تلك الإستجابات على الجو النفسي - الإجتماعي و المهني و الصحي للعمال داخل التنظيم .
4- تحاول هذه الدراسة الكشف عن حقيقة تلك العلاقة بين ردود الأفعال السلوكية من مختلف
الضغوط ، كإنعكاس لعلاقتهم مع رئيسهم المُتسلط خاصة من حيث دلالتها الإحصائيـة.
4- حــــدود الـدراســـة :
ٳقتصرت هذه الدراسة على عينة من المُنفذين و الإطارات داخل مركب تمييع الغاز بارزيو ٲحد
مركبات مجمع سونطراك ، بحيث تمت معرفة نوعية الاتصال بين الرئيس و مرؤوسيه و مستوى
التفاعل بينهما ، و قـد تـمٌ معرفة التفاعل مستوى بين الرئيس المُتسلط و مرؤوسيه بعد ضبطه باستخدام مقياس وصف سلوك الرئيس إما ذو ٳتجاه مُتسلط أو صاحب ٳتجاه متفتح - ٲقل تسلطًا - ،
و هو ما كشفت عنه الدراسة الاستطلاعية .
- كما ٳقتصرت الدراسة على ردود أفعال المرؤوسين لتعكس درجة التفاعل و نوعيـة الاتصال
مع الرئيس المُتسلـط ، و منها : ضغط العمـل .
5- الـمــفــاهـيــم الإجـــرائيــة للــدراســـة :
1- الاتصال : هو فعل و رد فعل سلوكي يـهدف إلى تبادل الآراء والاتجاهات والمشاعر بالكلمات
أو الرموز بالقول أو الفعل أو بالكتابة لبناء العلاقات التفاعلية ما بين الرئيس و مرؤوسيه و العمال فيما بينهم داخـل التنظيم ، و هو ما عبرٌ عنه العمال من خلال تقديراتهم الذاتية للإستبيان الإتصال
مع رئيسهم المُوجه إليهم .
- مُعوٌقات الاتصال : هـي مجموعة من المُعوقـات التي تُـؤثر على عملية الإتصال داخل
التنظيم و تكمُن في التباين و الإختلاف ما بين الرئيس و مرؤوسيه من حيث إتجاهاتهم و إدراكهم
للمحيط و إهتماماتهم و طموحاتهم و رؤيتهم للبنية التنظيمية و إختلافهـم الثقافي و التعليمي .
2- الاتجاه النفسي : هو ذلك الاستعداد النفسـي و العصبـي للـرئيس الذي يُثيـر ردود أفعال
سلوكية لمرؤوسيه فيستجيبون لمختلف المواقف والوضعيات ، مع الأخذ بعين الاعتبار عوامل
الخبرة والقدرات العقلية و النفسية داخل محيط العمل .
-الاتجاه المُتسلط : هو نوع من العدوان حيث أن الرئيس المُتسلط يُلغي مرؤوسيه و يعتبرهم ٲدنى
فيُحبط قدراتهم الإبداعية . و هو ما يقيسه مقياس وصف سلوك الرئيس المُطبق في دراستنا هذه .
3- الرئيس : هـو المسؤول عن إدارته لعملية الإتصال و ضمان تشكيل شبكة من التفاعلات ،
بتحفيز مرؤوسيه و حشد طاقاتهم بتقدير كفاءاتهم و تقييم أدائهم بموضوعية ، و يُحدد الأدوار
والمكانة داخل التنظيم ، و بهذا يُقدم صورة تعكس واقع التنظيم . مع العلم أن رئيس المصلحة و يطلق عليه (Chef Service)في نظام العمل العادي يُسمى داخل مركب تمييع الغاز بأرزيو
؛ و السُلم أو الرتبة الهرمية - الوظيفية لرئيس (Chef de Quart)في نظام ورديات العمل المصلحة ما بين (23-29) .
4- السلوك : هو فهم لشخصية العاملين في المنظمة و يشمُل على : أسلوب تفكير و إدراك العاملين ، و دوافعهم للعمل ، و رضاهم الوظيفي ، و إتجاهاتهم وقيمهم ، و كذلك ممارستهم كأفراد أومجموعات و تفاعل هذا السلوك مع بيئة المنظمة ، و ذلك لتحقيق أهداف كل من العاملين و المنظمة في نفس الوقت و تهيئة جو من التوافق النفسي - الإجتماعي و الصحي .
- ضغـط العمل : هي إدراك العامل لعدم قدرته على التكيف مع متطلبات وأعباء العمل بسبب
ضعف التواصل مع الرئيس ، و هو ما يقيسه مقياس ضغوط العمل المُطبق في دراستنا هذه .
6- المنهج و الاجراءات للدراسة :
أولا- العينة :
أجريت هذه الدراسة على عينة قوامها 200 عاملا ًمن مركب تمييع الغاز بارزيو (GL4/Z)
تم اختيارهم عشوائيا من مختلف مصالح المركب ، و لقد تم تناول بعض المؤشرات الإحصائية
لخصائص هذه العينة الكمية و الوصفية من حيث السن و الجنس و السلم الوظيفي و الأقدمية
المهنية و طبيعة العمل من نظام ورديات العمل و النظام العادي .
ثانيا- أدوات الدراسة :
و للوصول إلى الهـدف طبق الباحث ثلاثة مقاييس نفسية وهي مقياس الاتصال داخل التنظيم ،
و مقياس وصف سلوك القائد لمعرفة ٳتجاه الرئيس المُتسلط داخل المركب ، و مقياس الضغط
(1998) ، و تم قياس الخصائص السيكومترية لمعاملي الصدق Hargreaves,G النفسي لـ هارقريفز و الثبات الدراسة ، بحيث تم اختيار صدق المحكمين لمعرفة صدق المضمون و عرضت الصورة
الأولى لمقاييس الدراسة على خمسة (05) أساتذة من جامعة وهران قسم علم النفس و كانت نسبة
القبول الكلي للفقرات ما بين 61.11 ٪ و 88.57 ٪ ، أما الصدق الذاتي فتراوح ما بين 0.933 و 0.998 ، و بحكم نتائج صدق المحكمين و الصدق الذاتي فان مقاييس الدراسة المُطبقة صادقة وتقيس فعلا ما وضعت لقياسه .
و فيما يخص معامل ثبات الدراسة فقد استعمل معامل ثبات التجزئة النصفية بيرسون و تصحيحها بسبيرمان براون فوجدت تساوي ما بين 0.871 و 0.997 . و بالنظر إلى معاملي الصدق و الثبات ،يمكن الاعتماد على المقاييس الثلاثة (03) في دراستنا الميدانية .
- نتائج الدراسة :
و للتعامل مع نتائج الدراسة ، ٳستعملت مجموعة من الأساليب الإحصائية منها معامل الارتباط بيرسون ، ومعامل ألفا كرومباخ ، و ٳختبار ٴ ت ٴ، و التـي كشفـت عن النتائج التالية :
النسب المئوية: التكرارات: ضغط العمل عند المرؤوسين: رقم الفقرة:
٪74.5 149 لا أستطيع تحديد مستوى مسؤولياتي بدقة 1
٪69 138 لا أشعر بالتقدم في حياتي المهنية 2
٪56 112 إن وقت العمل الرسمي لا يكفيني لأداء عملي اليومي 3
٪81 162 أجد نفسي أني لا أستطيع إرضاء فريق العمل 4
٪54.5 109 لا تتوفر لدي معلومات كافية لإدارة أعمالي بشكل فعال 5
٪83.5 167 أشعر بأني شخص غير مرغوب فيه 6
٪68.5 137 أدرك بأن ليس لي أي تأثير في قرارات رئيسك 7
٪62.5 125 أشعر بأنني غير قادر على التنبؤ بما هو متوقع في عملي8
٪79.5 159 أعمل في ظل سياسات و إرشادات متعارضة 9
٪59.5 119 كثيرًا ما أشعر بأن عملي متداخل مع حياتي الشخصية 10
و تبيٌن من خلال مصفوفة الإرتباطات وجود علاقة إرتباطية دالة إحصائيا قدرت بـــ 0.172-
عنــد مستوى الدلالة 0.05 بين تبادل المعلومـة و التداعيـات الصحيـة على العمال داخل المركـب .هذه النتيجة تدُل على أن هناك علاقة وطيدة بين نوعية تبادل المعلومة بين الرئيس المُتسلط و مرؤوسيه و ما ينتج عنها من مُضاعفات صحية و تظهر في أعراض بسيكوسوماتية جسمية – فيزيولوجية منها :ضغط الـدم ، ضعف جهاز المناعة ، إضطرابات معدية ... وغيرهـا .
و قد عبٌر 73 ٪ من العمال عن تلك المُضاعفات الصحية التي يعانون منها لسوء العلاقة مع الرئيس و هذا يُؤكد على أن سوء العلاقة التفاعلية كموقف ضاغط يُـؤثر على حياة العامـل إن لم يتم مُعالجتها و ضبطها في الوقت المناسب ؛ هذه النتيجة الجزئية التي توصل إليها الباحث تتوافـق بنسبة كبيـرة مع نتائج دراسة الطبيب الألماني "هامر" و الطبيبة الفرنسية "كوت"(2007) بعد دراسة على 40 ألف شخص ٲن الأمراض البشرية تمُرٌ عبر مرحلتين : المرحلة الأولى التي تتميز بصدمة نفسية ( التوتر) تـُهيء ظهور أعراض مرضية و لها تداعيات سلبية و خطيرة على الدماغ و إذا ٳستمر ذلك الموقف الضاغط ، فسيدخـل ذلك الشخص فـي المرحلة الثانية بحيث تظهر عليه أعراض فيزيولوجية من ٳنتفاخات و أورام سرطانية و يرجع السبب حسب الباحثة إلى عدم المواجهة و الحوار خاصة بين الرئيس و مرؤوسيه للتخلص مـن التوتـر ( الزبير ، 2007) .
- يتبيٌــن من خلال مصفوفة الإرتباطات بوجود علاقة إرتباطية دالة إحصائيا قدرت بــ 0.410 عنــد مستــوى الدلالة 0.01 بين ضغط العمل عند المرؤوس و سوء العلاقة مع الرئيس ذو الإتجاه المُتسلط.
و قد بيٌـن سارفن شرابير( 1983)S. schreiber أن بعض الأفراد يكونون عرضة لظروف عمل غير صحية فهم يُريدون عمل أشياء كثيرة في وقت قصير ، فتجعلهم هذه الوضعية قلقين ، و غاضبيـن على الآخرين .وهذا يؤكد أن ضيق الوقت يزيد من عبء العمل الذي يؤثر على صحته النفسية و على الحياة المهنية والعائلية والإجتماعية ، حيث أشار نحو 59.5 ٪ من عمال المركب أن سوء العلاقة مع الرئيس و مرؤوسيه يُؤثر بدوره على توافق العامل لحياته المهنية و الشخصية ، و بالنظر إلى مواصفات عينة الدراسة نجد 44 ٪ من العمال يشتغلـون ضمن نظام ورديات العمل ، بالإضافة إلى طبيعة عملهـم فإن سوء العلاقة مع الرئيس تحديدًا تـُؤثرعلى توافقهـم بين حياتهم المهنية و حياتهم الشخصية ، مع العلم أن نسبة المتزوجين تقدر بــ 76 ٪ و هذا يُؤثرسلبـًا على إتزان العمال المتزوجين نفسيًا و صحيًا لعدم قدرتهم على الفصل بين حياته المهنية و الإجتماعية ؛
نفس النتيجة تتطابق مع ما توصل إليه( Sloan et cooper( 1986 مفادهـا أنه لمواجهـة الضغط الوظيفي وجب توطيد شبكة العلاقات الاجتماعية داخل العمل ، و الفصل بين الحياة المهنيــة و الحياة الوظيفيــة .
و قد بيٌنت دراسة إنجليزية - نيوزيلندية نشرت في دورية الطب السيكولوجي (2007) إلى إرتباط ضغوط العمل بالإصابة بالإكتئاب بسبب سوء تعامل الإدارة العليا مع العمال ، و حتى و لو لم يكُن يُعاني العمال من ضغوط من قبل ، و لضبط ذلك وجِب تغيير أماكن العمل ، و الإستعانة بالمختصين في علم النفس كما فعلت المؤسسات الفرنسية عندما أدمجت نحو (6000) مُختص في الإتصال داخل مؤسساتها عام (2007) .
و أشار 62 ٪ من العمال أنه من الصعب التنبؤ بما هو مُتوقع في العمل ، و ذلك لعدم تعزيز الشعور الجماعي بفتح مجال الإبداع ، و المُبادرة ، و المُشاركة ، و نمط قيادي ديمقراطي يُؤثـر على سلوك و إنتاجية الجماعة العاملة و بهذا لا يُمكن رفع التحديات و مواجهة الرهانات السياسية و الإقتصادية و التكنولوجيـا و التغلــب عليها لعدم التقدير و التقييم الإيجابي للطاقات الفعالة - العمال - التي تمتلكها المؤسسة (بوطمين ،ص: 22 و23) .
لذا وجب التعرف على المهام القابلـة للتغيٌر و أن العمال يلزمُهم تكوين و تأهيل لمواكبة التحولات و التغيرات المستقبلية لهذا يشعر العمال بالخوف من المستقبل ،و ذلك لتضارب السياسات و تعارض الأهداف و التوجهات بينه و بين رئيسـه ، و عبٌـر 79.5 ٪ من العمال عن هذا التعـارض والصـراع في الأدوار داخـل المركـب وهذا يُؤثر على السير الحسن للمهام المُنجزة و لإستمرارية العامل في الأداء بنفس الوتيرة و الإيقاع المناسب وهذا بدوره يُؤثر على العامل نفسيًا بإحساسه بالضغط و التوثر ، خاصة إذا كان يشغل عدة أدوار و مهام في آن واحد ، و يجـد المرؤوسين أنفسـهم في مأزق أمام تعارض المطالب حسب الأولويات التي كلفهـا عليهم الرئيس،على المرؤوسين أو حتى تعارض بين مطالب الرئيس و مطالب الإدارة العليا (Direction AVAL)
،و رغم هذا كلـه فلا يتلقون الحوافز المادية و المعنوية التي تـُعادل ما يُنجزونه ؛ هذه النتيجة تتوافق كليـًا مع ما توصل إليه فونتاناFontana أن تأثيـر صراع الدور لا يتوقـف على سلوكات العمل بـل يُـؤدي إلى شعـور المـرؤوس بالصراع الداخلي و النقـد الذاتي المـُتطـرف ، بل و يقوده إلى تكوين صورة مُهتـزة و غير مناسبة عن ذاتـه .
و أكدت دراسات أمريكية حديثة (1997) مفادها أنه لعدم وجود سياسات واضحة يرتفع مستوى الضغط خاصة عند الإطارات بحيث ترتفع نسبة الأمراض الصحية ، والموت المفاجىء ، و حوادث العمل ، و التغيب ...الـخ بالإضافة إلى إنخفاض المردودية ، وعدم تسيير الوقت بفعالية ، وعدم القدرة على إتخاذ القرارات ، و ضعف التنظيم ، و بروز المنازعات ...الخ ، و نتيجة لهذا تنخفض أرباح المؤسسة و يُؤدي بها إلى الإفلاس ، و هذا ما أكدته منظمة العمل الدولية فإن أحد أكبر الشركات الأمريكية خسرت 200 مليار دولار (Hargreaves, P 9)
و عليه ، كشفت دراستنا بوجود علاقة إرتباطية طردية بين الرئيس ذو الٳتجاه التسلطي و بين
ضغط العمل عند المرؤوسين .
- قــــائــمـــة الـــمـــراجـــع :
أولا-المـــراجــــــــع باللغـــــــة العـــــــربيـــــــــة:
1- إبراهيم العيد (2000) : علم النفس الإجتماعي ، مكتبة الزهراء ، الطبعة الأولى جامعة عين الشمس ، القاهرة – مصر .
2-إبراهيم عباس نتو و د. هنر .ه . البرز (1981) : المفاهيم الأساسية في علم الإدارة ، جامعة
الظهران للبترول و المعادن ، العربية السعودية ، ديوان المطبوعات الجزائرية .
3- إبراهيم وهبي فهد و كنبو عبود كنبو(1999) : العلاقات العامة و إدارتها ( مدخل وظيفي ) ، مؤسسة الوراق للنشر ، عمان - الأردن.
4- أحمد سيد مصطفى ( 2005 ) : إدارة السلوك التنظيمي ( نظرة معاصرة لسلوك الناس في العمل)الناشر أحمد سيد مصطفى ، ص . ب : 14 المعادي الجديدة – القاهرة – مصر .
5- ٲحمد ماهر (2003) : السلوك التنظيمي مدخل بناء المهارات ، الدار الجامعية للنشر- الإسكندرية -مصر .
6- الصباغ زهير ( 1981) : ضغط العمل ، المجلة العربية للإدارة ، الرياض ، المجلد الخامس ، العدد الأول و الثاني ، حزيران ، ص 28-40 .
7- العديلي ناصر محمد ( 1995) : السلوك الإنساني و التنظيمي ، منظور كلي مقارن ، الإدارة العامة للبحوث ، الرياض .
8- الرشيدي هارون توفيق (1991) : الضغوط النفسية ، طبيعتها ، نظرياتها ، برنامج لمساعدة الذات في علاجها ، مكتبة الإنجلو مصرية ، القاهرة .
9- ٲندرو دي سيزلاقي ومارك جي والاس ترجمة جعفر أبو القاسم ٲحمد. راجع الترجمة علي محمد عبد الوهاب (1991) : السلوك التنظيمي و الأداء ، دار النشر الإدارة العامة للبحوث ، المملكة العربية السعودية .
10- خليل محمد حسن الشماع (2002) : مبادىء الإدارة مع التركيز على إدارة الأعمال ، دار المسيرة للنشر و التوزيع و الطباعة ،عمان – الأردن .
11- صلاح الدين محمد عبد الباقي (2006) : السلوك الانساني في المنظمات ، الدار الجامعية للنشرالإسكندرية– مصر .
ثـــانيــــــــــا - المراجــــــــــــــع باللغــــــــــــــــــــة الأجنبيـــــــــــــــة :
12- Albou . P , ( 1982) : Besoins et motivations économiques , paris , Ed , PUF .
13– ALTRAD . Mohed , (1994) : Ecouter Harmoniser, diriger un certain Art du Management èdition office des Publications Universitaires, Algérie.
14- Aubert . N. , J.P. Gruère , J. Jabes , H. Laroche , S. Michel, (1991) :
Management Aspects humaines et organisationnels, èdition PUF , Paris , France .
15- Barmeyer, Christoph Immanuel, (1995) : Comprendre et conjuguer les différences
culturelles, le management entre Québécois et Allemands, Gouvernement du Québec
et Gouvernement de la Bavière.
16- Bechr,T . A , et Newman .J.D (1978) : Employer health and organizational
effectiveness : a facet analysis , model and literature review , personal psychology winter
pp 665-699.
المداخلة بعنوان:الضغوط المهنية و أثارها على العمال نفسيا و صحيا - نموذج مركب لتميع الغاز بارزيو بمجمع سونطراك-
المقدمة:
يواجه الإنسان في حياته العديد من المخاطر و الصعوبات و التهديدات والضغوط التي يجب التعامل معها بفعالية للحد من أثارها ،و قد استطاع الإنسان أن يتجاوز تلك التحديات البيئية و التغلب عليها لتفادي أثارها المدمرة لجسمه و عقله و محيطه بفضل اجتيازه لعمليات التحضر و التقدم العلمي بجميع أشكاله و طرائقه ، إلا أن هذا التقدم و التحضر أصبح بدوره يمثل تهديدات واضطرابات في حياتنا الشخصية و المهنية تحديدًا ، حيث أنها تحدث اضطرابات على مستوى الجهاز العصبي و القلب و الأوعية الدموية و القرحة المعدية و ألام الظهر... و غيرها ، و اضطرابات نفسية من القلق و الاحتراق النفسي و الاكتئاب ...الخ و اضطرابات سلوكية من عادات الأكل و الشرب الغير صحية ، و التدخين و تعاطي الكحول و الإدمان على المخدرات ،واضطرابات النوم و التصرف بسلوكيات عدوانية ، و الإصابة بضغط الدم الشرياني الذي أصبح يهدد حياة 35%من الجزائريين حسب الجمعية الجزائرية لمرض ضغط الدم الشرياني المزمن .
تأتي الضغوط النفسية من تفاعلات نسق الحياة المتعددة ، من مثيرات بيولوجية- كيمياوية مثل الجراثيم ، و التغيرات الهرمونية .....إلخ كما تنشا من مثيرات كامنة في طبيعة بنية النظام
الإجتماعي و الإقتصادي و السياسي ، كما تنشا من مثيرات نفسية : إحباطات ، صراعات نفسية ، مطالب تفوق قدرة الفرد على تحملها و مواجهتها ، و إختلال الآليات الدفاعية لدى الفرد و عدم
التحكم فيها ، وعدم إشباع الحاجات ، وعدم التوافق النفسي - الاجتماعي ؛ لذا فإننا نواجه كل
هذه المثيرات باستجابات قصدية أو غير قصدية في حياتنا العامة و في حياتنا المهنية على وجه
التحديد ، و هذه المواقف الضاغطة تنعكس على الصحة النفسية و التكيف الاجتماعي - المهني
للعمال ، خاصة إذا كان مصدر الضغوط سوء العلاقة المهنية مع رؤساء العمل .
وعلى ضوء المثير او مصدر الضغط المتمثل في العلاقة المهنية مع رؤساء العمل و ما يترتب
عنها من استجابة كرد فعل سلوكي يتمثل في الضغط ، تتجه دراستنا التي أجريت في مجمع
سونطراك مركب تمييع الغاز الطبيعي الرابع بالمنطقة الصناعية ارزيو ولاية وهران عام 2007 .
- تـحديــد الإشكـاليــة :
تَشهد مؤسستنا الوطنية تحوٌلات و تغيـٌرات في بنياتها الإقتصادية من إقتصاد مُوجه إلى إقتصاد حـر ، و هذا ما يُغيٌـر في وسائـل و طـرق التعامُل و العلاقات بين العمال و رؤسائهم ، بحيث وُجِب تفعيل مهارات عملية الاتصال للضبط و التحكم في المواقف الضاغطة و إشراك كل أعضاء المنظومة المؤسساتية في عملية التسيير قصد تجانسهم و تعاضدهم لتحقيق ذواتهم و تكريس مبدأ الانتماء و الولاء للتنظيم ككل ، و تحقيق التوافق النفسي- الاجتماعي و الصحي و المهني، و لكـن إذا بقيت عقلية التسيير كما هي عليه ، ستتفاقم المشاكل داخل المؤسسة و ذلك لإهمال الجانب الإنساني – العلائقـي و ذلك لبروز الفروق الفردية بين العمال و رؤسائهم ، و التي تعتبر من أهم المُعوٌقات التواصل و التفاعل ما بينهم التي ينتج عنها استجابات سلوكية سلبية من ضغوط مهنية تنعكس سلبًا على التنظيم ككل ، بحيث لا تتحقق الأهداف المخطط لها من طرف الإدارة العليا ، و لا يكُون بمقدُورها الإستجابة للحاجات و إهتمامات كل أعضاء المؤسسة ، و لا تستطيع التكيف مع مختلف المُتطلبات و الظروف المُحيطـة داخل و خـارج للمؤسسة بسبب هذا الجو العلائقي المُضطرب بين العمال و رؤسائهم مما تزداد شدة الضغوط و التوترات داخل المؤسسة ، و هذا ما يدفعنا لطرح التساؤلات التالية :
-كيف تكون عملية الإتصال بين الرئيس المُتسلط و مرؤوسيه داخل مركب(GL4/Z)?.
-هل هناك علاقة بين الضغوط و مُعوٌقات الإتصال ( ضمن الفروق الفردية ) حسـب
المتغيرات الفردية لعينة الدراسـة ؟ و هل لمعوقات الاتصال انعكاسات صحية على العمال ؟
- ماهي مُعوٌقات الإتصال داخل المركب ؟ و هل هذه المُعوٌقات ناتجة عن الإتجاه التسلطي للرئيس
في علاقاتــه مع مرؤوسيــه ؟
- ما هي ردود أفعال المرؤوسين الناتجة عن عملية الإتصال بينهم و بين رئيسهم المُتسلط ؟
-هل مستوى الضغوط المهنية تختلـف بإختلاف المتغيرات الشخصية لعينـة الدراسـة ؟
-هل علاقة الرئيس المُتسلط بمرؤوسيه ينتــج عنها ضغطهم المهني ( عن العمل ) ؟
2- صيـــاغــــة الــفـــرضــيــــــــــــــــــات :
بعد طــرح مجموعة من التساؤلات ،و بناءًا على نتائـج الدراسة الأوليـة و ما ٳستخلصته بـعـد الدراسة الاستطلاعية تمـت صياغــة الفرضيات التـاليــة :
الفـــرضيــة الرئيسيــة الأولــى :
1- تُوجد علاقة إرتباطية بين الإتجاه التسلطي للرئيس و مُعوٌقات الإتصال .
الفرضيــة الفرعيــة الأولــى :
- تُوجد علاقة إرتباطية بين الرئيس ذو الاتجاه التسلطي و بين ضغط العمل عند المرؤوسين .
الفـــرضيــة الرئيسيــة الثانيـة :
2- تُوجد علاقة إرتباطية بين عملية الاتصال والتداعيـات الصحيـة على العمال داخل المركـب.
3- أهــــــــــداف الـــدراســـــــــــــة :
تهدف أية دراسة كانت إلى معرفة سبب المُشكلة و نتيجتها عبر وسائل علمية منهجية
و إحصائيــة و تحليليـة و دراستنـا هاتـه تهـدف إلــى :
1-التعرف عن واقع الإتصال في مؤسساتنا الوطنية ، و بالأخص بمجمع سونطراك ، وفي مركب
بُغية معرفة درجة الوعي عند الرؤساء و المرؤوسين حول (GL4/Z) تمييع الغاز بارزيو
قيمة الإتصال كإستثمار يخدُم أهداف المركب و ما يلعبُه من دور هـام في تطوير و تفعيل
القدرات والكفاءات المهنية و تهيئة جو من الإستقرار داخل المؤسسة .
2-معرفة عملية الإتصال بين الرئيس المُتسلط و مرؤوسيه ، كيف تكُون هذه العملية ، ماهي
مُؤشراتها ، و أيـن حـُدودها العلائقيـة ، و بالأخص معرفة تلك المُعوٌقات التي تُعيق السير
الحسن لعملية الإتصال و بالتالي تشكل ضغط حاد له انعكاسات صحية على أعضاء التنظيم .
3- معرفة ردود أفعال العمال نحو الاتجاه التسلطي للرئيس كعائق للإتصال ما بين أعضاء التنظيم
وإنعكاس تلك الإستجابات على الجو النفسي - الإجتماعي و المهني و الصحي للعمال داخل التنظيم .
4- تحاول هذه الدراسة الكشف عن حقيقة تلك العلاقة بين ردود الأفعال السلوكية من مختلف
الضغوط ، كإنعكاس لعلاقتهم مع رئيسهم المُتسلط خاصة من حيث دلالتها الإحصائيـة.
4- حــــدود الـدراســـة :
ٳقتصرت هذه الدراسة على عينة من المُنفذين و الإطارات داخل مركب تمييع الغاز بارزيو ٲحد
مركبات مجمع سونطراك ، بحيث تمت معرفة نوعية الاتصال بين الرئيس و مرؤوسيه و مستوى
التفاعل بينهما ، و قـد تـمٌ معرفة التفاعل مستوى بين الرئيس المُتسلط و مرؤوسيه بعد ضبطه باستخدام مقياس وصف سلوك الرئيس إما ذو ٳتجاه مُتسلط أو صاحب ٳتجاه متفتح - ٲقل تسلطًا - ،
و هو ما كشفت عنه الدراسة الاستطلاعية .
- كما ٳقتصرت الدراسة على ردود أفعال المرؤوسين لتعكس درجة التفاعل و نوعيـة الاتصال
مع الرئيس المُتسلـط ، و منها : ضغط العمـل .
5- الـمــفــاهـيــم الإجـــرائيــة للــدراســـة :
1- الاتصال : هو فعل و رد فعل سلوكي يـهدف إلى تبادل الآراء والاتجاهات والمشاعر بالكلمات
أو الرموز بالقول أو الفعل أو بالكتابة لبناء العلاقات التفاعلية ما بين الرئيس و مرؤوسيه و العمال فيما بينهم داخـل التنظيم ، و هو ما عبرٌ عنه العمال من خلال تقديراتهم الذاتية للإستبيان الإتصال
مع رئيسهم المُوجه إليهم .
- مُعوٌقات الاتصال : هـي مجموعة من المُعوقـات التي تُـؤثر على عملية الإتصال داخل
التنظيم و تكمُن في التباين و الإختلاف ما بين الرئيس و مرؤوسيه من حيث إتجاهاتهم و إدراكهم
للمحيط و إهتماماتهم و طموحاتهم و رؤيتهم للبنية التنظيمية و إختلافهـم الثقافي و التعليمي .
2- الاتجاه النفسي : هو ذلك الاستعداد النفسـي و العصبـي للـرئيس الذي يُثيـر ردود أفعال
سلوكية لمرؤوسيه فيستجيبون لمختلف المواقف والوضعيات ، مع الأخذ بعين الاعتبار عوامل
الخبرة والقدرات العقلية و النفسية داخل محيط العمل .
-الاتجاه المُتسلط : هو نوع من العدوان حيث أن الرئيس المُتسلط يُلغي مرؤوسيه و يعتبرهم ٲدنى
فيُحبط قدراتهم الإبداعية . و هو ما يقيسه مقياس وصف سلوك الرئيس المُطبق في دراستنا هذه .
3- الرئيس : هـو المسؤول عن إدارته لعملية الإتصال و ضمان تشكيل شبكة من التفاعلات ،
بتحفيز مرؤوسيه و حشد طاقاتهم بتقدير كفاءاتهم و تقييم أدائهم بموضوعية ، و يُحدد الأدوار
والمكانة داخل التنظيم ، و بهذا يُقدم صورة تعكس واقع التنظيم . مع العلم أن رئيس المصلحة و يطلق عليه (Chef Service)في نظام العمل العادي يُسمى داخل مركب تمييع الغاز بأرزيو
؛ و السُلم أو الرتبة الهرمية - الوظيفية لرئيس (Chef de Quart)في نظام ورديات العمل المصلحة ما بين (23-29) .
4- السلوك : هو فهم لشخصية العاملين في المنظمة و يشمُل على : أسلوب تفكير و إدراك العاملين ، و دوافعهم للعمل ، و رضاهم الوظيفي ، و إتجاهاتهم وقيمهم ، و كذلك ممارستهم كأفراد أومجموعات و تفاعل هذا السلوك مع بيئة المنظمة ، و ذلك لتحقيق أهداف كل من العاملين و المنظمة في نفس الوقت و تهيئة جو من التوافق النفسي - الإجتماعي و الصحي .
- ضغـط العمل : هي إدراك العامل لعدم قدرته على التكيف مع متطلبات وأعباء العمل بسبب
ضعف التواصل مع الرئيس ، و هو ما يقيسه مقياس ضغوط العمل المُطبق في دراستنا هذه .
6- المنهج و الاجراءات للدراسة :
أولا- العينة :
أجريت هذه الدراسة على عينة قوامها 200 عاملا ًمن مركب تمييع الغاز بارزيو (GL4/Z)
تم اختيارهم عشوائيا من مختلف مصالح المركب ، و لقد تم تناول بعض المؤشرات الإحصائية
لخصائص هذه العينة الكمية و الوصفية من حيث السن و الجنس و السلم الوظيفي و الأقدمية
المهنية و طبيعة العمل من نظام ورديات العمل و النظام العادي .
ثانيا- أدوات الدراسة :
و للوصول إلى الهـدف طبق الباحث ثلاثة مقاييس نفسية وهي مقياس الاتصال داخل التنظيم ،
و مقياس وصف سلوك القائد لمعرفة ٳتجاه الرئيس المُتسلط داخل المركب ، و مقياس الضغط
(1998) ، و تم قياس الخصائص السيكومترية لمعاملي الصدق Hargreaves,G النفسي لـ هارقريفز و الثبات الدراسة ، بحيث تم اختيار صدق المحكمين لمعرفة صدق المضمون و عرضت الصورة
الأولى لمقاييس الدراسة على خمسة (05) أساتذة من جامعة وهران قسم علم النفس و كانت نسبة
القبول الكلي للفقرات ما بين 61.11 ٪ و 88.57 ٪ ، أما الصدق الذاتي فتراوح ما بين 0.933 و 0.998 ، و بحكم نتائج صدق المحكمين و الصدق الذاتي فان مقاييس الدراسة المُطبقة صادقة وتقيس فعلا ما وضعت لقياسه .
و فيما يخص معامل ثبات الدراسة فقد استعمل معامل ثبات التجزئة النصفية بيرسون و تصحيحها بسبيرمان براون فوجدت تساوي ما بين 0.871 و 0.997 . و بالنظر إلى معاملي الصدق و الثبات ،يمكن الاعتماد على المقاييس الثلاثة (03) في دراستنا الميدانية .
- نتائج الدراسة :
و للتعامل مع نتائج الدراسة ، ٳستعملت مجموعة من الأساليب الإحصائية منها معامل الارتباط بيرسون ، ومعامل ألفا كرومباخ ، و ٳختبار ٴ ت ٴ، و التـي كشفـت عن النتائج التالية :
النسب المئوية: التكرارات: ضغط العمل عند المرؤوسين: رقم الفقرة:
٪74.5 149 لا أستطيع تحديد مستوى مسؤولياتي بدقة 1
٪69 138 لا أشعر بالتقدم في حياتي المهنية 2
٪56 112 إن وقت العمل الرسمي لا يكفيني لأداء عملي اليومي 3
٪81 162 أجد نفسي أني لا أستطيع إرضاء فريق العمل 4
٪54.5 109 لا تتوفر لدي معلومات كافية لإدارة أعمالي بشكل فعال 5
٪83.5 167 أشعر بأني شخص غير مرغوب فيه 6
٪68.5 137 أدرك بأن ليس لي أي تأثير في قرارات رئيسك 7
٪62.5 125 أشعر بأنني غير قادر على التنبؤ بما هو متوقع في عملي8
٪79.5 159 أعمل في ظل سياسات و إرشادات متعارضة 9
٪59.5 119 كثيرًا ما أشعر بأن عملي متداخل مع حياتي الشخصية 10
و تبيٌن من خلال مصفوفة الإرتباطات وجود علاقة إرتباطية دالة إحصائيا قدرت بـــ 0.172-
عنــد مستوى الدلالة 0.05 بين تبادل المعلومـة و التداعيـات الصحيـة على العمال داخل المركـب .هذه النتيجة تدُل على أن هناك علاقة وطيدة بين نوعية تبادل المعلومة بين الرئيس المُتسلط و مرؤوسيه و ما ينتج عنها من مُضاعفات صحية و تظهر في أعراض بسيكوسوماتية جسمية – فيزيولوجية منها :ضغط الـدم ، ضعف جهاز المناعة ، إضطرابات معدية ... وغيرهـا .
و قد عبٌر 73 ٪ من العمال عن تلك المُضاعفات الصحية التي يعانون منها لسوء العلاقة مع الرئيس و هذا يُؤكد على أن سوء العلاقة التفاعلية كموقف ضاغط يُـؤثر على حياة العامـل إن لم يتم مُعالجتها و ضبطها في الوقت المناسب ؛ هذه النتيجة الجزئية التي توصل إليها الباحث تتوافـق بنسبة كبيـرة مع نتائج دراسة الطبيب الألماني "هامر" و الطبيبة الفرنسية "كوت"(2007) بعد دراسة على 40 ألف شخص ٲن الأمراض البشرية تمُرٌ عبر مرحلتين : المرحلة الأولى التي تتميز بصدمة نفسية ( التوتر) تـُهيء ظهور أعراض مرضية و لها تداعيات سلبية و خطيرة على الدماغ و إذا ٳستمر ذلك الموقف الضاغط ، فسيدخـل ذلك الشخص فـي المرحلة الثانية بحيث تظهر عليه أعراض فيزيولوجية من ٳنتفاخات و أورام سرطانية و يرجع السبب حسب الباحثة إلى عدم المواجهة و الحوار خاصة بين الرئيس و مرؤوسيه للتخلص مـن التوتـر ( الزبير ، 2007) .
- يتبيٌــن من خلال مصفوفة الإرتباطات بوجود علاقة إرتباطية دالة إحصائيا قدرت بــ 0.410 عنــد مستــوى الدلالة 0.01 بين ضغط العمل عند المرؤوس و سوء العلاقة مع الرئيس ذو الإتجاه المُتسلط.
و قد بيٌـن سارفن شرابير( 1983)S. schreiber أن بعض الأفراد يكونون عرضة لظروف عمل غير صحية فهم يُريدون عمل أشياء كثيرة في وقت قصير ، فتجعلهم هذه الوضعية قلقين ، و غاضبيـن على الآخرين .وهذا يؤكد أن ضيق الوقت يزيد من عبء العمل الذي يؤثر على صحته النفسية و على الحياة المهنية والعائلية والإجتماعية ، حيث أشار نحو 59.5 ٪ من عمال المركب أن سوء العلاقة مع الرئيس و مرؤوسيه يُؤثر بدوره على توافق العامل لحياته المهنية و الشخصية ، و بالنظر إلى مواصفات عينة الدراسة نجد 44 ٪ من العمال يشتغلـون ضمن نظام ورديات العمل ، بالإضافة إلى طبيعة عملهـم فإن سوء العلاقة مع الرئيس تحديدًا تـُؤثرعلى توافقهـم بين حياتهم المهنية و حياتهم الشخصية ، مع العلم أن نسبة المتزوجين تقدر بــ 76 ٪ و هذا يُؤثرسلبـًا على إتزان العمال المتزوجين نفسيًا و صحيًا لعدم قدرتهم على الفصل بين حياته المهنية و الإجتماعية ؛
نفس النتيجة تتطابق مع ما توصل إليه( Sloan et cooper( 1986 مفادهـا أنه لمواجهـة الضغط الوظيفي وجب توطيد شبكة العلاقات الاجتماعية داخل العمل ، و الفصل بين الحياة المهنيــة و الحياة الوظيفيــة .
و قد بيٌنت دراسة إنجليزية - نيوزيلندية نشرت في دورية الطب السيكولوجي (2007) إلى إرتباط ضغوط العمل بالإصابة بالإكتئاب بسبب سوء تعامل الإدارة العليا مع العمال ، و حتى و لو لم يكُن يُعاني العمال من ضغوط من قبل ، و لضبط ذلك وجِب تغيير أماكن العمل ، و الإستعانة بالمختصين في علم النفس كما فعلت المؤسسات الفرنسية عندما أدمجت نحو (6000) مُختص في الإتصال داخل مؤسساتها عام (2007) .
و أشار 62 ٪ من العمال أنه من الصعب التنبؤ بما هو مُتوقع في العمل ، و ذلك لعدم تعزيز الشعور الجماعي بفتح مجال الإبداع ، و المُبادرة ، و المُشاركة ، و نمط قيادي ديمقراطي يُؤثـر على سلوك و إنتاجية الجماعة العاملة و بهذا لا يُمكن رفع التحديات و مواجهة الرهانات السياسية و الإقتصادية و التكنولوجيـا و التغلــب عليها لعدم التقدير و التقييم الإيجابي للطاقات الفعالة - العمال - التي تمتلكها المؤسسة (بوطمين ،ص: 22 و23) .
لذا وجب التعرف على المهام القابلـة للتغيٌر و أن العمال يلزمُهم تكوين و تأهيل لمواكبة التحولات و التغيرات المستقبلية لهذا يشعر العمال بالخوف من المستقبل ،و ذلك لتضارب السياسات و تعارض الأهداف و التوجهات بينه و بين رئيسـه ، و عبٌـر 79.5 ٪ من العمال عن هذا التعـارض والصـراع في الأدوار داخـل المركـب وهذا يُؤثر على السير الحسن للمهام المُنجزة و لإستمرارية العامل في الأداء بنفس الوتيرة و الإيقاع المناسب وهذا بدوره يُؤثر على العامل نفسيًا بإحساسه بالضغط و التوثر ، خاصة إذا كان يشغل عدة أدوار و مهام في آن واحد ، و يجـد المرؤوسين أنفسـهم في مأزق أمام تعارض المطالب حسب الأولويات التي كلفهـا عليهم الرئيس،على المرؤوسين أو حتى تعارض بين مطالب الرئيس و مطالب الإدارة العليا (Direction AVAL)
،و رغم هذا كلـه فلا يتلقون الحوافز المادية و المعنوية التي تـُعادل ما يُنجزونه ؛ هذه النتيجة تتوافق كليـًا مع ما توصل إليه فونتاناFontana أن تأثيـر صراع الدور لا يتوقـف على سلوكات العمل بـل يُـؤدي إلى شعـور المـرؤوس بالصراع الداخلي و النقـد الذاتي المـُتطـرف ، بل و يقوده إلى تكوين صورة مُهتـزة و غير مناسبة عن ذاتـه .
و أكدت دراسات أمريكية حديثة (1997) مفادها أنه لعدم وجود سياسات واضحة يرتفع مستوى الضغط خاصة عند الإطارات بحيث ترتفع نسبة الأمراض الصحية ، والموت المفاجىء ، و حوادث العمل ، و التغيب ...الـخ بالإضافة إلى إنخفاض المردودية ، وعدم تسيير الوقت بفعالية ، وعدم القدرة على إتخاذ القرارات ، و ضعف التنظيم ، و بروز المنازعات ...الخ ، و نتيجة لهذا تنخفض أرباح المؤسسة و يُؤدي بها إلى الإفلاس ، و هذا ما أكدته منظمة العمل الدولية فإن أحد أكبر الشركات الأمريكية خسرت 200 مليار دولار (Hargreaves, P 9)
و عليه ، كشفت دراستنا بوجود علاقة إرتباطية طردية بين الرئيس ذو الٳتجاه التسلطي و بين
ضغط العمل عند المرؤوسين .
- قــــائــمـــة الـــمـــراجـــع :
أولا-المـــراجــــــــع باللغـــــــة العـــــــربيـــــــــة:
1- إبراهيم العيد (2000) : علم النفس الإجتماعي ، مكتبة الزهراء ، الطبعة الأولى جامعة عين الشمس ، القاهرة – مصر .
2-إبراهيم عباس نتو و د. هنر .ه . البرز (1981) : المفاهيم الأساسية في علم الإدارة ، جامعة
الظهران للبترول و المعادن ، العربية السعودية ، ديوان المطبوعات الجزائرية .
3- إبراهيم وهبي فهد و كنبو عبود كنبو(1999) : العلاقات العامة و إدارتها ( مدخل وظيفي ) ، مؤسسة الوراق للنشر ، عمان - الأردن.
4- أحمد سيد مصطفى ( 2005 ) : إدارة السلوك التنظيمي ( نظرة معاصرة لسلوك الناس في العمل)الناشر أحمد سيد مصطفى ، ص . ب : 14 المعادي الجديدة – القاهرة – مصر .
5- ٲحمد ماهر (2003) : السلوك التنظيمي مدخل بناء المهارات ، الدار الجامعية للنشر- الإسكندرية -مصر .
6- الصباغ زهير ( 1981) : ضغط العمل ، المجلة العربية للإدارة ، الرياض ، المجلد الخامس ، العدد الأول و الثاني ، حزيران ، ص 28-40 .
7- العديلي ناصر محمد ( 1995) : السلوك الإنساني و التنظيمي ، منظور كلي مقارن ، الإدارة العامة للبحوث ، الرياض .
8- الرشيدي هارون توفيق (1991) : الضغوط النفسية ، طبيعتها ، نظرياتها ، برنامج لمساعدة الذات في علاجها ، مكتبة الإنجلو مصرية ، القاهرة .
9- ٲندرو دي سيزلاقي ومارك جي والاس ترجمة جعفر أبو القاسم ٲحمد. راجع الترجمة علي محمد عبد الوهاب (1991) : السلوك التنظيمي و الأداء ، دار النشر الإدارة العامة للبحوث ، المملكة العربية السعودية .
10- خليل محمد حسن الشماع (2002) : مبادىء الإدارة مع التركيز على إدارة الأعمال ، دار المسيرة للنشر و التوزيع و الطباعة ،عمان – الأردن .
11- صلاح الدين محمد عبد الباقي (2006) : السلوك الانساني في المنظمات ، الدار الجامعية للنشرالإسكندرية– مصر .
ثـــانيــــــــــا - المراجــــــــــــــع باللغــــــــــــــــــــة الأجنبيـــــــــــــــة :
12- Albou . P , ( 1982) : Besoins et motivations économiques , paris , Ed , PUF .
13– ALTRAD . Mohed , (1994) : Ecouter Harmoniser, diriger un certain Art du Management èdition office des Publications Universitaires, Algérie.
14- Aubert . N. , J.P. Gruère , J. Jabes , H. Laroche , S. Michel, (1991) :
Management Aspects humaines et organisationnels, èdition PUF , Paris , France .
15- Barmeyer, Christoph Immanuel, (1995) : Comprendre et conjuguer les différences
culturelles, le management entre Québécois et Allemands, Gouvernement du Québec
et Gouvernement de la Bavière.
16- Bechr,T . A , et Newman .J.D (1978) : Employer health and organizational
effectiveness : a facet analysis , model and literature review , personal psychology winter
pp 665-699.
وفاء- المساهمات : 20
تاريخ التسجيل : 18/11/2008
العمر : 42
مواضيع مماثلة
» مصادر الضغوط المهنية للأستاذ الجامعي وعلاقته بالرضا المهني-تابع
» مصادر الضغوط المهنية للأستاذ الجامعي وعلاقته بالرضا المهني-الجانب النظري
» مصادر الضغوط المهنية للأستاذ الجامعي وعلاقته بالرضا المهني-الجانب التطبيقي
» مقياس الميول المهنية
» استراتيجيات مواجهة الضغوط النفسية لدى المرأة العاملة
» مصادر الضغوط المهنية للأستاذ الجامعي وعلاقته بالرضا المهني-الجانب النظري
» مصادر الضغوط المهنية للأستاذ الجامعي وعلاقته بالرضا المهني-الجانب التطبيقي
» مقياس الميول المهنية
» استراتيجيات مواجهة الضغوط النفسية لدى المرأة العاملة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى