الضغوط والمرض
صفحة 1 من اصل 1
الضغوط والمرض
المداخلة ل:آيت مجبر بديعة
عنوان المداخـــــــــــلة :الضــغـوط و المـــرض
مقــدمــة:
إن العلاقة بين الضغوط و المرض قديمة قدم وجود الإنسان على الأرض فهما متلازمتان في حالة وجود عوامل مهيأة لهذه العلاقة، و قد تضعف العلاقة بينهما بوجود بعض المتغيرات الإيجابية الوسيطة التي تعدل من طبيعة هذه العلاقة وليست كل الضغوط شرا خالصا كما أنها ليست خيرا خالصا ،فقليل من الضغوط مفيد و محفز و لكن الكثير منها ضار و معطل.
إن ضغوط الحياة تلعب دورا في بدء الإصابة بالأعراض المرضية أو تطورها فالكثير من الباحثين ربطوا بين الضغوط و الإصابة بأمراض القلب ،و كذى الأمراض السيكوسوماتية كالقرحة و ارتفاع الضغط الدموي و اضطرابات نفسية و عقلية كالاكتئاب .
و يمكن فهم طبيعة العلاقة بين الضغوط و المرض من خلال الآتي :
1- الضغوط و الآثار الإيجابية:
يرى "سيلي" seley ) 1976 ) أن الضغوط لا تتضمن بالضرورة تغيرا مرضيا ،إنما هي حالة من التوازن تعمل على توليد الطاقة المستديمة في الجسد و التي تحدث ردود أفعال تكيفية تعمل على حفظ التوازن الجسدي و النفسي ،بل يذهب هانس سيلي إلى أكثر من ذلك حيث يرى أن للضغوط قيمة علاجية كما هو الحال في العلاج بالصدمات بالتيار الكهربائي و كذلك يرى أن الرياضة تعد ضغوطا لها قيمة علاجية
(seley,1976 ,p 1).
و يؤكد ذلك "ديسبوس" Despues ) 1999) حيث يرى أن الضغوط لا تكون بالضرورة شيئا سيئا ، فوجود قدر معين من الضغوط يعد شيئا طبيعيا،فلا يوجد منا من يعيش حياة خالية من الضغوط بل أن بعض الضغوط تكون إيجابية لتحفيز الشخص و زيادة دافعيته إلا أن الضغوط المزمنة السابقة قد تكون ضارة على صحتنا فأي تغير بل كل تغير يعد ضاغطا حيث يجبر الأفراد على التكيف مع ظروف جديدة و غير مألوفة و يعتقد "هولمز" أن التغير الناتج عن أحداث الحياة الموجبة مثل ( الزواج و الترقية و التخرج )و السالبة مثل ( الطلاق و الموت و البطالة ) . تعد ضاغطة و قد تؤذي صحة الفرد لكن بعض التغيرات تتطلب قدر أكبر من التوافق عما تتطلب تغيرات أخرى (1999 ,Despues )
و يعرض لنا "لينارت ليفي" كيف أن الضغوط من الممكن أن تكون إيجابية و مثيرة و تصل بالأداء إلى أعلى مستوياته ذلك لأنها تؤدي إلى استجابة التوتر التي تظل كامنة في قدرة الجسم على التغلب على مصاعبه ،كما أن المقدار الصحيح من الضغوط يحفز الجسم و ينشط الكائن الحي و يزيد من قدرته على الأداء و يجعله أكثر صلابة كما في حالة الرياضي الذي يتدرب مدة طويلة قبل جري المراتون .
( لينارت ليفي ، ترجمة رزق سند ، 1995 ، ص 11-12 )
و يرى "كليفورد "و زملاؤه (Clifford et al , 1986 ) أن أي تغير في البيئة حتى لو كان تغيرا سارا مثل الإجازة فإنه يحتاج إلى بعض التوافق،و قليل من الضغوط مفيد حيث تساعدنا على التوافق و لكن الكثير منها و استمرارها يكون ضارا و يسبب آلاما نفسية .( 1986 ;P 321, al et Clifford )
و مما سبق يتضح لنا أن الضغوط قد تطون مفيدة و لكن عند قدر معين ، و قد تكون محفزة و دافعة للإنجاز،و كذلك تؤدي إلى إضافة رصيد الخبرات لدى الشخص كي يواجه الضغوط المستقبلية ،كما تؤدي إلى النضج و تزيد صلابة الشخصية و قالوا قديما " أن الأزمة التي لا تميتني تقويني " فإذا زاد معدل الضغوط عن الحد ربما انقلب تأثيرها إلى الضد .
2- الضغوط و الآثار السلبية و المرضية:
إن ضغوط الحياة تلعب دورا في بدء الإصابة بالأعراض المرضية أو تطورها ،و ذلك ما توصل إليه "أدمس" و زملاؤه ( 1994 ) حيث وجدوا أن هناك علاقة بين المستوى المرتفع من الضغوط المدركة و بين مرض انسداد الشريان التاجي الذي يعد من أهم أسباب الوفاة ،حيث يقتل أكثر من 150 ألف شخص كل عام بمعدل فرد كل ثلاث أو أربع دقائق و هو من أكثر الأمراض الناتجة عن الضغوط .
و من الأمراض المرتبطة كذلك بالضغوط ضغط الدم المرتفع( Arnold J,1995;p 361 )
و تشير الإحصائيات إلى العلاقة الوثيقة التي تربط بين الضغوط و الإصابة بالأمراض المؤدية إلى الوفاة، حيث تتعدد الأمراض المرتبطة بالضغوط و منها:
- السرطان
- القرحات
- أمراض القلب
- الإكتئاب
وفيما يلي نلقي الضوء على هذه الأمراض :
- السرطان:
في القرن الثاني لاحظ عالم الفيزياء الألماني جالين أن المرأة المكتئبة أكثر عرضة للإصابة بالسرطان من المرأة السعيدة،و قد أكدت الأبحاث الحديثة العلاقة بين الانفعالات و السرطان ،كما أن التعرض للضغوط يعزز بشكل غير مباشر من حدوث السرطان، و ذلك من خلال التشجيع على السلوكيات المسببة له مثل التدخين،الإسراف في الأكل،الإسراف في الكحوليات.( p 584, 1990 , sdorow .j )
-القرحات :
تؤدي الضغوط المستمرة إلى جعل المعدة تعمل طول الوقت سواء كان هناك ضرورة أم لا . و لقد وجد أن الأفراد الذين يعيشون في ثورات غضب مستمرة معرضون للإصابة بالقرحات أكثر من الذين ليس لديهم هذه الحالات أو تلك الظروف .
- أمراض القلب:
هناك اتفاق بين العلماء على ارتباط أمراض القلب بالضغط ،و في دراسة مسحية بإنجلترا اتفق 55% من المستجيبين للمسح على أن الضغوط تقف وراء أمراض القلب و يعتقد العديد من الأطباء أن الضغوط خاصة المتصلة بمجال العمل تعتبر أهم العوامل التي ترتبط بأمراض القلب .
( غريب عبد الفتاح ،1999،ص 319-321 )
و يعتقد "هانس سيلي" أن العامل الرئيسي و الحاكم في مرض القلب هو الضغوط الزائدة .
- الإكتئاب :
ارتبط الاكتئاب ببعض الضغوط النفسية كمشاعر الحرمان و الفقد و التغير ،كما أنه عندما يتعرض الفرد لأحداث الحياة الضاغطة الكبرى و الصغرى فإن هذه الضغوط تسبب حملا زائدا على جهاز المناعة و مهارات المواجهة مما يساهم في زيادة القابلية للمرض ( kubaki , 1997 ) .
- النظريات المفسرة لطبيعة العلاقة بين الضغوط و المرض:
1- نظرية الأزمة:
يذكر "موس و شافير"(Moos & schaefer )أن نظرية الأزمة تؤكد على أن كل فرد في حاجة إلى التوازن العضوي بنفس قدر حاجته للتوازن النفسي الاجتماعي،و أن الموقف المثير للمشقة هو موقف جديد تصبح فيه الأساليب المألوفة في التعامل مع المواقف غير كافية أو غير مناسبة و لهذا يشعر الفرد بالخوف و التوتر و الغضب و هنا تنشأ حالة من عدم التوازن تتطلب من الفرد التخفيف منها لاستعادة التوازن المطلوب فيبدأ في تحديد الأزمة بنفسه وفقا لوجهة نظره الشخصية حتى لو كانت مؤقتة حتى يتمكن من الوصول إلى بعض الحلول الممكنة للمشكلة أو الأزمة باستخدام أسلوب أو أكثر من أساليب التكيف المألوفة لديه .
( فيفيان أحمد فؤاد ،2001،ص 22 ) .
و تساهم نظرية الأزمة "لإيريك ليندمان" Lindemann) 1944 ) و كذلك نظرية "كابلان" Kaplan) )1964 ) عن أزمات الحياة في تفسير العلاقة بين الضغوط و المرض فيعرف "كابلان" الأزمات على أنها فترات انتقال و اضطراب تتطلب تكيفا ذو أهمية كبيرة للصحة النفسية للفرد أو الجماعة ،و يشمل خواص موقف الأزمة الإحساس بعدم الفعالية أو العجز عن مواجهة المشكلة ،و التردد أو اختلال التوازن و القابلية الزائدة للتأثر بالآخرين مع اضطراب انفعالي مصاحب . و يظهر من فحص تاريخ الحالة أن بعض الأفراد يتعاملون مع مشكلاتهم بأسلوب لا توافقي أثناء فترات الأزمات ،بحيث يكونوا أقل توافقا عما كانوا عليه قبل الأزمة،مما يسبب إحباطا لأهدافهم المهمة في الحياة ( أميرة الديب ،2003، ص 34 - 37 )
2- نظرية العضو الضعيف:
يرى أصحاب هذه النظرية أننا جميعا إما أن نولد أو نطور سريعا عضوا ضعيفا أو قابلا للإصابة مستعدا لها ،و عندما نصبح مستثارين فإن هذا العضو هو الذي سيتحمل معظم الإجهاد ،و كلما أصبح الشخص متألما أكثر تزايد الإجهاد على العضو الضعيف حتى ينهار و يسقط فريسة المرض ،و مفتاح نشأة المرض هو ببساطة زيادة الحمل على العضو نتيجة التنشيط المتكرر.( أحمد عبد الخالق ،1998،ص 171 )
3- نظرية الفشل في الاتزان الحيوي:
اقترح نظرية الفشل في الاتزان الحيوي علماء النفس الفسيولوجي في الستينات و السبعينات و يذكر أصحاب هذه النظرية ببساطة أننا عندما ننتبه خلال الضغط فلا تتنبه كل الأعضاء بدرجة متساوية فبعض الأعضاء ستصبح أكثر تنبيها ،و ستستغرق وقتا أطول للعودة إلى مستوى الحالة القاعدية لها فيما يختص بوظائفها ،و تصبح هذه الأعضاء في النهاية مريضة نتيجة الضغط الزائد ،و الأساس في نشأة المرض تبعا لهذه النظرية هو زيادة الحمل على العضو نتيجة فشل العودة إلى مستوى الخط القاعدي للتنبه بسرعة.( المرجع السابق )
4- المنظور المعرفي:
يرى بك أن الأحداث الضاغطة تزيد من الاعتقادات السالبة و التي تزيد بدورها الأفكار السالبة عن الذات تلك الأفكار التي تؤدي إلى الأعراض الاكتئابية. ( Allen , 2003 )
كما أن الأعراض المبكرة للاكتئاب تجعل الشخص أكثر حساسية للإصابة بالاكتئاب الإكلينيكي و بمجرد حدوث عوامل ضغوط ضئيلة فإنها تطور سلسلة أعراض اكتئابية مستقبلا ( Price, 2003 )
5- المنظور الفسيولوجي:
و من المنظور الفسيولوجي للعلاقة بين الضغوط و المرض يرى "شارما" sharma)2003) أن الضغوط الدائمة و المستمرة بشكل تطوري يمكنها أن تحدث الإصابة بالاكتئاب حتى عند الطفل الصغير و يفترض وجود رابطة بيولوجية بين الضغوط و الاكتئاب و بمجرد تكوين تلك الرابطة لدى الطفل فإنه يكون مهيئا للإصابة بالاكتئاب بقية عمره حيث أن عوامل الضغوط تحدث إفراز هرمونات الضغوط ،و لذلك فإن الأدرينالين الذي يفرزه أثناء الضغوط يصل إلى المخ و من الممكن أن يؤثر عبر الزمن على الأبنية الدماغية ،و عندما تتأهب هرمونات الضغوط لحالة طوارئ فإنها تظل عاملة لفترة طويلة و بالتالي يمكنها أن تبطئ نمو الألياف العصبية في المناطق المسئولة عن الانفعالات و الذاكرة في المخ ،و أن هذا التغير في المخ قد يقلل أو يزيد من إفراز الهرمونات الميزاجية أو الناقلات العصبية في حالة التعرض الزائد للضغوط و هذا ما ينتج عنه اكتئاب في مرحلة الطفولة و بمجرد تواجد هذا النمط بشكل أساسي فإنها تعمل على تأسيس أرضية تفاعلية للاكتئاب أثناء مرحلة البلوغ و سنوات الرشد.
و يرى "دوفي" و آخرون أن العلاقة بين الضغوط و المرض هي علاقة تبادلية حيث أن الضغوط ترتبط بالأمراض العضوية و النفسية و التي بدورها تستثير الضغوط و تصبح أحد مصادر الضغوط و هكذا
( Kabuki, 1997 )
لقد اتضح مما سبق أن للضغوط آثارا إيجابية متمثلة في تنبيه الفرد و إنذاره مما يساعده على مواجهة هذه المواقف أو التوافق معها و تكون الضغوط بمثابة دوافع و محفزات للإنجاز و النضج و النمو الشخصي و زيادة الصلابة النفسية ...إلخ. و لكن للضغوط آثارها الايجابية عند حد معين فإذا زاد هذا الحد فإن الضغوط تسبب المرض سواء أكان عضويا أو نفسيا أو سيكوسوماتيا .
-طرق إدارة الضغوط
طور علماء النفس مجموعة من الطرق لتساعد الأفراد على مواجهة الضغوط و التقليل من حدتها ،بعض هذه الطرق يركز على سلوك الفرد في حين يركز البعض على عمليات التفكير لديه ،ومن هذه الطرق :
- الاسترخاء.
- الإقتداء بنموذج.
- تعديل السلوك.
المراجع باللغة العربية:
1- أحمد محمد عبد الخالق ( 1998) : الصدمة النفسية مع إشارة خاصة إلى العنوان العراقي على دولة الكويت ،الطبعة الأولى لجنة التأليف و التعريب للنشر ،الشويخ ،الكويت.
2- أميرة عبد العزيز الديب (2003) : مبادئ العلاج النفسي ،جامعة الأزهر ،دور النشر .
3- غريب عبد الفتاح غريب (1999) : علم الصحة النفسية ،الطبعة الأولى ،مكتبة الأنجلو المصرية.
4- فيفيان أحمد فؤاد علي عشماوي (2001) : العلاقة بين التعرض لمثيرات المشقة و الإصابة بسرطان الثدي ،مع إشارة خاصة إلى التأثير المعدل لبعض سمات الشخصية، دكتوراه ،آداب القاهرة .
المراجع باللغة الأجنبية:
5- Allen , J ; ( 2003) : An overview of Beck's cognitive theory of depression in contemporary literature , retrieved March, 25,2004 from the world wide web : http://www.personality research.org.
6- Arnold, J ; & cooper , C ( 1995) : Work psychology , understanding human behavior in workplace, 2 nd edition,pitman publishing ,London.
7- Clliford , T; Richard , A ; King , J; Weisz , J; ( 1986 ) : Introduction to psychology . seventh edition , Mc Graw- will book company . New york.
8- Despues , D;(1999) : Stress and illness . Retieved April , 22,2004,from the world wide web : http://www.csun.edu
9- Kubacki , D ; (1997) : The effect of stress on illness in adulthood : Recent research www.hope./edu/academic /psychology / 335 webrep2/stresshtml dec.
10- Price , p ; ( 2004 ) : Stress and depression . Retieved April 22,2004 from the world wide web : http :// www.all about depression .
11- Sdorow , I; ( 1990 ) : psychology , 3 rd edition , WCB Brown & Benchmark , Madison .
12- Selye , H ; ( 1976 ) : the stress of life . Revised edition . Mc craw – Hill Book Company. New york
عنوان المداخـــــــــــلة :الضــغـوط و المـــرض
مقــدمــة:
إن العلاقة بين الضغوط و المرض قديمة قدم وجود الإنسان على الأرض فهما متلازمتان في حالة وجود عوامل مهيأة لهذه العلاقة، و قد تضعف العلاقة بينهما بوجود بعض المتغيرات الإيجابية الوسيطة التي تعدل من طبيعة هذه العلاقة وليست كل الضغوط شرا خالصا كما أنها ليست خيرا خالصا ،فقليل من الضغوط مفيد و محفز و لكن الكثير منها ضار و معطل.
إن ضغوط الحياة تلعب دورا في بدء الإصابة بالأعراض المرضية أو تطورها فالكثير من الباحثين ربطوا بين الضغوط و الإصابة بأمراض القلب ،و كذى الأمراض السيكوسوماتية كالقرحة و ارتفاع الضغط الدموي و اضطرابات نفسية و عقلية كالاكتئاب .
و يمكن فهم طبيعة العلاقة بين الضغوط و المرض من خلال الآتي :
1- الضغوط و الآثار الإيجابية:
يرى "سيلي" seley ) 1976 ) أن الضغوط لا تتضمن بالضرورة تغيرا مرضيا ،إنما هي حالة من التوازن تعمل على توليد الطاقة المستديمة في الجسد و التي تحدث ردود أفعال تكيفية تعمل على حفظ التوازن الجسدي و النفسي ،بل يذهب هانس سيلي إلى أكثر من ذلك حيث يرى أن للضغوط قيمة علاجية كما هو الحال في العلاج بالصدمات بالتيار الكهربائي و كذلك يرى أن الرياضة تعد ضغوطا لها قيمة علاجية
(seley,1976 ,p 1).
و يؤكد ذلك "ديسبوس" Despues ) 1999) حيث يرى أن الضغوط لا تكون بالضرورة شيئا سيئا ، فوجود قدر معين من الضغوط يعد شيئا طبيعيا،فلا يوجد منا من يعيش حياة خالية من الضغوط بل أن بعض الضغوط تكون إيجابية لتحفيز الشخص و زيادة دافعيته إلا أن الضغوط المزمنة السابقة قد تكون ضارة على صحتنا فأي تغير بل كل تغير يعد ضاغطا حيث يجبر الأفراد على التكيف مع ظروف جديدة و غير مألوفة و يعتقد "هولمز" أن التغير الناتج عن أحداث الحياة الموجبة مثل ( الزواج و الترقية و التخرج )و السالبة مثل ( الطلاق و الموت و البطالة ) . تعد ضاغطة و قد تؤذي صحة الفرد لكن بعض التغيرات تتطلب قدر أكبر من التوافق عما تتطلب تغيرات أخرى (1999 ,Despues )
و يعرض لنا "لينارت ليفي" كيف أن الضغوط من الممكن أن تكون إيجابية و مثيرة و تصل بالأداء إلى أعلى مستوياته ذلك لأنها تؤدي إلى استجابة التوتر التي تظل كامنة في قدرة الجسم على التغلب على مصاعبه ،كما أن المقدار الصحيح من الضغوط يحفز الجسم و ينشط الكائن الحي و يزيد من قدرته على الأداء و يجعله أكثر صلابة كما في حالة الرياضي الذي يتدرب مدة طويلة قبل جري المراتون .
( لينارت ليفي ، ترجمة رزق سند ، 1995 ، ص 11-12 )
و يرى "كليفورد "و زملاؤه (Clifford et al , 1986 ) أن أي تغير في البيئة حتى لو كان تغيرا سارا مثل الإجازة فإنه يحتاج إلى بعض التوافق،و قليل من الضغوط مفيد حيث تساعدنا على التوافق و لكن الكثير منها و استمرارها يكون ضارا و يسبب آلاما نفسية .( 1986 ;P 321, al et Clifford )
و مما سبق يتضح لنا أن الضغوط قد تطون مفيدة و لكن عند قدر معين ، و قد تكون محفزة و دافعة للإنجاز،و كذلك تؤدي إلى إضافة رصيد الخبرات لدى الشخص كي يواجه الضغوط المستقبلية ،كما تؤدي إلى النضج و تزيد صلابة الشخصية و قالوا قديما " أن الأزمة التي لا تميتني تقويني " فإذا زاد معدل الضغوط عن الحد ربما انقلب تأثيرها إلى الضد .
2- الضغوط و الآثار السلبية و المرضية:
إن ضغوط الحياة تلعب دورا في بدء الإصابة بالأعراض المرضية أو تطورها ،و ذلك ما توصل إليه "أدمس" و زملاؤه ( 1994 ) حيث وجدوا أن هناك علاقة بين المستوى المرتفع من الضغوط المدركة و بين مرض انسداد الشريان التاجي الذي يعد من أهم أسباب الوفاة ،حيث يقتل أكثر من 150 ألف شخص كل عام بمعدل فرد كل ثلاث أو أربع دقائق و هو من أكثر الأمراض الناتجة عن الضغوط .
و من الأمراض المرتبطة كذلك بالضغوط ضغط الدم المرتفع( Arnold J,1995;p 361 )
و تشير الإحصائيات إلى العلاقة الوثيقة التي تربط بين الضغوط و الإصابة بالأمراض المؤدية إلى الوفاة، حيث تتعدد الأمراض المرتبطة بالضغوط و منها:
- السرطان
- القرحات
- أمراض القلب
- الإكتئاب
وفيما يلي نلقي الضوء على هذه الأمراض :
- السرطان:
في القرن الثاني لاحظ عالم الفيزياء الألماني جالين أن المرأة المكتئبة أكثر عرضة للإصابة بالسرطان من المرأة السعيدة،و قد أكدت الأبحاث الحديثة العلاقة بين الانفعالات و السرطان ،كما أن التعرض للضغوط يعزز بشكل غير مباشر من حدوث السرطان، و ذلك من خلال التشجيع على السلوكيات المسببة له مثل التدخين،الإسراف في الأكل،الإسراف في الكحوليات.( p 584, 1990 , sdorow .j )
-القرحات :
تؤدي الضغوط المستمرة إلى جعل المعدة تعمل طول الوقت سواء كان هناك ضرورة أم لا . و لقد وجد أن الأفراد الذين يعيشون في ثورات غضب مستمرة معرضون للإصابة بالقرحات أكثر من الذين ليس لديهم هذه الحالات أو تلك الظروف .
- أمراض القلب:
هناك اتفاق بين العلماء على ارتباط أمراض القلب بالضغط ،و في دراسة مسحية بإنجلترا اتفق 55% من المستجيبين للمسح على أن الضغوط تقف وراء أمراض القلب و يعتقد العديد من الأطباء أن الضغوط خاصة المتصلة بمجال العمل تعتبر أهم العوامل التي ترتبط بأمراض القلب .
( غريب عبد الفتاح ،1999،ص 319-321 )
و يعتقد "هانس سيلي" أن العامل الرئيسي و الحاكم في مرض القلب هو الضغوط الزائدة .
- الإكتئاب :
ارتبط الاكتئاب ببعض الضغوط النفسية كمشاعر الحرمان و الفقد و التغير ،كما أنه عندما يتعرض الفرد لأحداث الحياة الضاغطة الكبرى و الصغرى فإن هذه الضغوط تسبب حملا زائدا على جهاز المناعة و مهارات المواجهة مما يساهم في زيادة القابلية للمرض ( kubaki , 1997 ) .
- النظريات المفسرة لطبيعة العلاقة بين الضغوط و المرض:
1- نظرية الأزمة:
يذكر "موس و شافير"(Moos & schaefer )أن نظرية الأزمة تؤكد على أن كل فرد في حاجة إلى التوازن العضوي بنفس قدر حاجته للتوازن النفسي الاجتماعي،و أن الموقف المثير للمشقة هو موقف جديد تصبح فيه الأساليب المألوفة في التعامل مع المواقف غير كافية أو غير مناسبة و لهذا يشعر الفرد بالخوف و التوتر و الغضب و هنا تنشأ حالة من عدم التوازن تتطلب من الفرد التخفيف منها لاستعادة التوازن المطلوب فيبدأ في تحديد الأزمة بنفسه وفقا لوجهة نظره الشخصية حتى لو كانت مؤقتة حتى يتمكن من الوصول إلى بعض الحلول الممكنة للمشكلة أو الأزمة باستخدام أسلوب أو أكثر من أساليب التكيف المألوفة لديه .
( فيفيان أحمد فؤاد ،2001،ص 22 ) .
و تساهم نظرية الأزمة "لإيريك ليندمان" Lindemann) 1944 ) و كذلك نظرية "كابلان" Kaplan) )1964 ) عن أزمات الحياة في تفسير العلاقة بين الضغوط و المرض فيعرف "كابلان" الأزمات على أنها فترات انتقال و اضطراب تتطلب تكيفا ذو أهمية كبيرة للصحة النفسية للفرد أو الجماعة ،و يشمل خواص موقف الأزمة الإحساس بعدم الفعالية أو العجز عن مواجهة المشكلة ،و التردد أو اختلال التوازن و القابلية الزائدة للتأثر بالآخرين مع اضطراب انفعالي مصاحب . و يظهر من فحص تاريخ الحالة أن بعض الأفراد يتعاملون مع مشكلاتهم بأسلوب لا توافقي أثناء فترات الأزمات ،بحيث يكونوا أقل توافقا عما كانوا عليه قبل الأزمة،مما يسبب إحباطا لأهدافهم المهمة في الحياة ( أميرة الديب ،2003، ص 34 - 37 )
2- نظرية العضو الضعيف:
يرى أصحاب هذه النظرية أننا جميعا إما أن نولد أو نطور سريعا عضوا ضعيفا أو قابلا للإصابة مستعدا لها ،و عندما نصبح مستثارين فإن هذا العضو هو الذي سيتحمل معظم الإجهاد ،و كلما أصبح الشخص متألما أكثر تزايد الإجهاد على العضو الضعيف حتى ينهار و يسقط فريسة المرض ،و مفتاح نشأة المرض هو ببساطة زيادة الحمل على العضو نتيجة التنشيط المتكرر.( أحمد عبد الخالق ،1998،ص 171 )
3- نظرية الفشل في الاتزان الحيوي:
اقترح نظرية الفشل في الاتزان الحيوي علماء النفس الفسيولوجي في الستينات و السبعينات و يذكر أصحاب هذه النظرية ببساطة أننا عندما ننتبه خلال الضغط فلا تتنبه كل الأعضاء بدرجة متساوية فبعض الأعضاء ستصبح أكثر تنبيها ،و ستستغرق وقتا أطول للعودة إلى مستوى الحالة القاعدية لها فيما يختص بوظائفها ،و تصبح هذه الأعضاء في النهاية مريضة نتيجة الضغط الزائد ،و الأساس في نشأة المرض تبعا لهذه النظرية هو زيادة الحمل على العضو نتيجة فشل العودة إلى مستوى الخط القاعدي للتنبه بسرعة.( المرجع السابق )
4- المنظور المعرفي:
يرى بك أن الأحداث الضاغطة تزيد من الاعتقادات السالبة و التي تزيد بدورها الأفكار السالبة عن الذات تلك الأفكار التي تؤدي إلى الأعراض الاكتئابية. ( Allen , 2003 )
كما أن الأعراض المبكرة للاكتئاب تجعل الشخص أكثر حساسية للإصابة بالاكتئاب الإكلينيكي و بمجرد حدوث عوامل ضغوط ضئيلة فإنها تطور سلسلة أعراض اكتئابية مستقبلا ( Price, 2003 )
5- المنظور الفسيولوجي:
و من المنظور الفسيولوجي للعلاقة بين الضغوط و المرض يرى "شارما" sharma)2003) أن الضغوط الدائمة و المستمرة بشكل تطوري يمكنها أن تحدث الإصابة بالاكتئاب حتى عند الطفل الصغير و يفترض وجود رابطة بيولوجية بين الضغوط و الاكتئاب و بمجرد تكوين تلك الرابطة لدى الطفل فإنه يكون مهيئا للإصابة بالاكتئاب بقية عمره حيث أن عوامل الضغوط تحدث إفراز هرمونات الضغوط ،و لذلك فإن الأدرينالين الذي يفرزه أثناء الضغوط يصل إلى المخ و من الممكن أن يؤثر عبر الزمن على الأبنية الدماغية ،و عندما تتأهب هرمونات الضغوط لحالة طوارئ فإنها تظل عاملة لفترة طويلة و بالتالي يمكنها أن تبطئ نمو الألياف العصبية في المناطق المسئولة عن الانفعالات و الذاكرة في المخ ،و أن هذا التغير في المخ قد يقلل أو يزيد من إفراز الهرمونات الميزاجية أو الناقلات العصبية في حالة التعرض الزائد للضغوط و هذا ما ينتج عنه اكتئاب في مرحلة الطفولة و بمجرد تواجد هذا النمط بشكل أساسي فإنها تعمل على تأسيس أرضية تفاعلية للاكتئاب أثناء مرحلة البلوغ و سنوات الرشد.
و يرى "دوفي" و آخرون أن العلاقة بين الضغوط و المرض هي علاقة تبادلية حيث أن الضغوط ترتبط بالأمراض العضوية و النفسية و التي بدورها تستثير الضغوط و تصبح أحد مصادر الضغوط و هكذا
( Kabuki, 1997 )
لقد اتضح مما سبق أن للضغوط آثارا إيجابية متمثلة في تنبيه الفرد و إنذاره مما يساعده على مواجهة هذه المواقف أو التوافق معها و تكون الضغوط بمثابة دوافع و محفزات للإنجاز و النضج و النمو الشخصي و زيادة الصلابة النفسية ...إلخ. و لكن للضغوط آثارها الايجابية عند حد معين فإذا زاد هذا الحد فإن الضغوط تسبب المرض سواء أكان عضويا أو نفسيا أو سيكوسوماتيا .
-طرق إدارة الضغوط
طور علماء النفس مجموعة من الطرق لتساعد الأفراد على مواجهة الضغوط و التقليل من حدتها ،بعض هذه الطرق يركز على سلوك الفرد في حين يركز البعض على عمليات التفكير لديه ،ومن هذه الطرق :
- الاسترخاء.
- الإقتداء بنموذج.
- تعديل السلوك.
المراجع باللغة العربية:
1- أحمد محمد عبد الخالق ( 1998) : الصدمة النفسية مع إشارة خاصة إلى العنوان العراقي على دولة الكويت ،الطبعة الأولى لجنة التأليف و التعريب للنشر ،الشويخ ،الكويت.
2- أميرة عبد العزيز الديب (2003) : مبادئ العلاج النفسي ،جامعة الأزهر ،دور النشر .
3- غريب عبد الفتاح غريب (1999) : علم الصحة النفسية ،الطبعة الأولى ،مكتبة الأنجلو المصرية.
4- فيفيان أحمد فؤاد علي عشماوي (2001) : العلاقة بين التعرض لمثيرات المشقة و الإصابة بسرطان الثدي ،مع إشارة خاصة إلى التأثير المعدل لبعض سمات الشخصية، دكتوراه ،آداب القاهرة .
المراجع باللغة الأجنبية:
5- Allen , J ; ( 2003) : An overview of Beck's cognitive theory of depression in contemporary literature , retrieved March, 25,2004 from the world wide web : http://www.personality research.org.
6- Arnold, J ; & cooper , C ( 1995) : Work psychology , understanding human behavior in workplace, 2 nd edition,pitman publishing ,London.
7- Clliford , T; Richard , A ; King , J; Weisz , J; ( 1986 ) : Introduction to psychology . seventh edition , Mc Graw- will book company . New york.
8- Despues , D;(1999) : Stress and illness . Retieved April , 22,2004,from the world wide web : http://www.csun.edu
9- Kubacki , D ; (1997) : The effect of stress on illness in adulthood : Recent research www.hope./edu/academic /psychology / 335 webrep2/stresshtml dec.
10- Price , p ; ( 2004 ) : Stress and depression . Retieved April 22,2004 from the world wide web : http :// www.all about depression .
11- Sdorow , I; ( 1990 ) : psychology , 3 rd edition , WCB Brown & Benchmark , Madison .
12- Selye , H ; ( 1976 ) : the stress of life . Revised edition . Mc craw – Hill Book Company. New york
وفاء- المساهمات : 20
تاريخ التسجيل : 18/11/2008
العمر : 42
مواضيع مماثلة
» الضغوط النفسية المدركة وعلاقتها بمعاودة المحاولة الانتحارية
» الضغوط النفسية-مجلة النبأ,عدد 54-2001
» الضغوط النفسية المدركة وعلاقتها بمعاودة المحاولة الانتحارية "2"
» الضغوط المهنية و أثارها على العمال نفسيا و صحيا
» استراتيجيات مواجهة الضغوط النفسية لدى المرأة العاملة
» الضغوط النفسية-مجلة النبأ,عدد 54-2001
» الضغوط النفسية المدركة وعلاقتها بمعاودة المحاولة الانتحارية "2"
» الضغوط المهنية و أثارها على العمال نفسيا و صحيا
» استراتيجيات مواجهة الضغوط النفسية لدى المرأة العاملة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى