وجهة نظر فرويد حول الدين
صفحة 1 من اصل 1
وجهة نظر فرويد حول الدين
--------------------------------------------------------------------------------
وجهة نظر سيجموند فرويد حول الدين
سيجموند فرويد صاحب نظرية التحليل النفسي يرى الدين بانه مرض نفسي و قد أفادنا الدكتور صالح الصنيع في كتابه التدين و الصحة النفسية ( ص 18 - 22 ) و بين وجهة النظر من أقوال صاحب النظرية حيث قال : ( حيث يرى أصحاب هذا الاتجاه أن الدين سبب للإصابة بالأمراض النفسية ، وهذا واضح لدى زعيم مدرسة التحليل النفسي سيجموند فرويد
[ 1856 - 1939م ] .
وسنحاول فيما يلي استعراض أهم أفكاره في هذا الموضوع والتي ظهرت بشكل واضح في كتابيه ( قلق في الحضارة ) و ( مستقبل وهم ) وخصوصاً هذا الأخير ، والذي خصصه لمهاجمة الدين ودوره في حياة الناس . وسيتم ذلك في نقاط متتالية وفق ما يلي :
1 - يتناول فرويد المصاعب والمشاق التي تنغص على الإنسان سعادته وصحته النفسية ويصف لها مسكنات فيقول : [ إن حياتنا ، كما هي مفروضة علينا ، ثقيلة الوطء ، وتغل أعناقنا بكثرة كثيرة من المشاق والخيبات والمهام الكأداء . وحتى نستطيع لها احتمالاً ، فلا غنى لنا عن المسكنات ... ولعل المسكنات على أنواع ثلاثة : أولها إلهيات قوية تتيح لنا أن نعتبر بؤسنا هيناً أمره ، وثانيها إشباعات بديلة تخفض من وطأته ، وأخيرها مخدرات تفقدنا الإحساس به . وليس لنا عن واحدة على الأقل من هذه الوسائل غناء ] ( قلق في الحضارة ص ص 20-21 ) .
وواضح اعتبار فرويد في هذه العبارة الدين مسكن مشابه للمخدرات وهي مغالطة فكرية وعلمية لا تقوم على أساس .
2 - يربط فرويد بين السعادة وبين قطع الإنسان صلته بالواقع وبالدين لأن الدين هذيان جماعي فيقول : [ ثمة طريقة أخرى أكثر جذرية وأبعد شأوا ، طريقة ترى في الواقع العدو الأوحد ، ينبوع كل ألم . فبما أن الواقع يجعل حياتنا مستحيلة لا تطاق ، فلا بد من قطع كل صلة به ، إذا كنا نحرص على السعادة بصورة من الصور ... متى ما سعت الكائنات البشرية بأعداد كبيرة إلى تأمين السعادة لنفسها وإلى الاحتماء من الألم بواسطة تشويه خرافي للواقع ( الدين ) . والحال أن أديان البشرية يجب أن تعتبر هذيانات جماعية من هذا النوع ] ( المرجع السابق ص ص 29-30 ) .
3 - يرى فرويد أن الدين هذيان وأنه يشوه الواقع ويزجر العقل ولا يحقق السعادة التي يبتغيها الإنسان فيقول : [ إن الدين يضر بلعبة التكيف والانتخاب تلك ، إذ يفرض على الجميع ، وعلى نسق واحد ، طرقه الخاصة للوصول إلى السعادة وللفوز بالمناعة ضد الألم . وتقوم خطته على تخفيض قيمة الحياة وعلى تشويه صورة العالم الواقعي تشويهاً بالغاً ، وهذا نهج يتخذ مسلمه له زجر العقل وتخويفه . وبهذا الثمن يفلح الدين ، بإلباسه أتباعه بالقوة ثوب طفولة نفسية وبزجهم جميعاً في هذيان جماعي ] ( المرجع السابق ص ص 34-35 ) .
4 - يقرر فرويد أن الإنسان محروم من السعادة لأن الحضارة تحرمه من ممارسة الجنس والعدوان فيقول : [ إذا كانت الحضارة تفرض مثل هذه التضحيات الباهظة ، لا على الجنسية فحسب بل أيضاً على العدوانية ، فإننا نفهم في هذه الحال فهماً أحسن لماذا يعسر على الإنسان غاية العسر أن يجد في ظلهما سعادته. وبهذا المعنى ، كان الإنسان البدائي محظوظ القسمة في الواقع لأنه ما كان يعرف أي تقييد لغرائزه. وبالمقابل ، كان اطمئنانه إلى التمتع مطولاً بمثل هذه السعادة واهياً للغاية . وقد قايض الإنسان المتحضر قسطاً من السعادة الممكنة بقسط من الأمان ] ( المرجع السابق ص 77 ) .
5 - يرى فرويد أن الشعور بالذنب الذي جاءت به الأديان هو مشكلة الحضارة وبسبب نقص في شعورنا بالسعادة فيقول : [ كان قصدنا رغم كل شيء أن نصور الشعور بالذنب على أنه المشكلة الرئيسية لتطور الحضارة ، وأن نبين ، فضلاً عن ذلك ، لماذا يتوجب علينا دفع فاتورة تقدم هذه الأخيرة بنقصان في السعادة ناجم عن تعزيز ذلك الشعور ] ( المرجع السابق ص 103 ) .
6 - وإذا أردنا أن نعرف التعليل النفسي التحليلي لتكوين الأديان لدى فرويد فنجده يربطه بمرحلة الطفولة وحاجة الطفل للحماية مما يؤدي إلى وجود الآلهة ، حيث يقول : [ التعليل النفسي التحليلي لتكوين الأديان هو هو نفسه ، كما هو متوقع ، المساهمة الطفلية في تعليله الظاهر ... حين يتبين الطفل ، وهو يشب ويترعرع ، أنه مقضى عليه بأن يبقى أبد حياته طفلاً ، وأنه لن يكون في مقدوره أبداً أن يستغني عن الحماية من القوى العليا والمجهولة ، يضفي عندئذ على هذه القوى قسمات وجه الأب ، ويبتدع لنفسه آلهة ، آلهة يخشى جانبها ويسعى إلى أن يحظى بعطفها ويعزو إليها في الوقت نفسه مهمة حمايته . وهكذا يتفق حنين الطفل إلى الأب مع ما يحس به من حاجة إلى حماية بحكم الضعف البشري ؛ كما أن رد فعل الطفل الدفاعي حيال شعور الضيق يتفق ورد فعل الراشد حيال الشعور بالضيق الذي يخالجه بدوره ، والذي يتولد عنه الدين وسماته المميزة ] ( مستقبل وهم ص ص 32-33 ) . وواضح في هذا النص الرأي البعيد عن العلمية لعدم وجود مايسنده علمياً ولتناقضه مع الفطرة السليمة للإنسان التي تعرف الإله الواحد سبحانه وتعالى . وسنؤجل الرد على آراء فرويد إلى أن ننـتهي من عرضها .
7 - يعود فرويد للتأكيد على أن الأديان توهمات وأن سبب وجودها هو الخوف الطفلي والقلق الإنساني إزاء أخطار الحياة ، فيقول : [ حين نوجه أنظارنا نحو التكوين النفسي للأفكار الدينية . فهذه الأفكار التي تطرح نفسها على أنها معتقدات ، ليست خلاصة التجربة أو النتيجة النهائية للتأمل والتفكير ، إنما هي توهمات ، تحقيق لأقدم رغبات البشرية وأقواها وأشدها إلحاحاً . وسر قوتها هو قوة هذه الرغبات . وبالأصل ، نحن نعلم ذلك : فالإحساس المرعب بالضائقة الطفلية أيقظ الحاجة إلى الحماية والحماية بالحب ، وهي حاجة لباها الأب . وإدراك الإنسان أن هذه الضائقة تدوم الحياة كلها جعله يتشبث بأب ، أب أعظم قوة وأشد بأساً هذه المرة . فالقلق الإنساني إزاء أخطار الحياة يسكن ويهدأ لدى التفكير بالسلطان الرفيق العطوف للعناية الإلهية ، كما أن إرساء أسس نظام أخلاقي يكفل تلبية مقتضيات العدالة ، هذه المقتضيات التي لبثت في غالب الأحيان غير متحققة في الحضارات الإنسانية ؛ ثم إن إطالة الحياة الأرضية بحياة مستقبلية تقدم إطار الزمان والمكان الذي ستحقق فيه تلك الرغبات ] ( المرجع السابق ص 41) .
8 - يربط فرويد بين التدين وبين بعض المشكلات النفسية وهي العجز والشعور بالتفاهة ، فيقول : [ لايزال النقاد يصرون على إطلاق صفة (( التدين العميق )) على كل إنسان يقر بما يراوده من شعور بتفاهة الإنسان وبالعجز البشري في مواجهة الكون ، وهذا بالرغم من أن جوهر التدين لا يقوم على ذلك الشعور ، وإنما بالأحرى على المسعى الذي يعقبه ويتفرع منه ، أي رد فعل الإنسان على ذلك الشعور في محاولة لاتقائه والتحصن ضده . أما من لا يتوغل إلى أبعد من ذلك ، أما من يسلم بكل تواضع بالدور الضئيل الذي يلعبه الإنسان في فسيح الكون ، فهو بالأحرى لا متدين بأصدق معاني الكلمة ] ( المرجع السابق ص 45) .
9 - يرى فرويد أن الدين لم يحقق السعادة والأخلاق التي يبحث عنها الإنسان ، فيقول : [ فمن المشكوك فيه أن يكون البشر قد عرفوا في مجملهم ، في العهد الذي كان الدين يسود فيه بلا منازع ، سعادة أكبر من تلك التي يعرفونها اليوم ؛ وعلى كل حال ما كانوا ، بالتأكيد ، أكثر أخلاقية ] ( المرجع السابق ص 52) .
10 - يشبه فرويد دور الدين في حياة الإنسان بالدور الذي تقوم به المنبهات والمسكرات للإنسان عند تناوله لهما ، فيقول : [ مفعول العزاء والسلوان الذي يقدمه الدين للإنسان يمكن المقايسة بينه وبين مفعول المنومات : وما يجري الآن في أمريكا أسطع مثال على ذلك . فهم يريدون هناك أن يحرموا الناس - تحت تأثير سيطرة النساء بالطبع - من كل منبه ومن كل شراب مسكر ، ويعلفونهم بالمقابل ورعاْ وتقوى ] ( المرجع السابق ص 67 ) .
11 - يؤكد فرويد أن الإنسان يمكن أن يحتمل مشاق الحياة عندما يقطع رجاءه بالغيب ، فيقول : [ ولاشك في أن الإنسان سيتوصل ، يوم يقطع رجاءه من عالم الغيب أو يوم يركز كل طاقاته المحررة على الحياة الأرضية ، إلى أن يجعل الحياة قابلة للاحتمال من قبل الجميع ] ( المرجع السابق ص ص 68-69) .
12 - يعقد فرويد مقارنة بين دور الدين ودور العقل في تحقيق الأخوة الإنسانية وتقليل أو تناقص الألم الذي يتعرض له الإنسان ، ويرجح العقل على الدين في هذه المقارنة ، فيقول : [ لما كانت أولوية العقل ستنشد في أرجح الظن نفس الأهداف التي يفترض في إلهكم أن يبلغكم إياها : الأخوة الإنسانية وتناقص الألم ... أنتم تريدون أن يبدأ الهناء بعد الموت مباشرة ، وتطلبون إليه أن يحقق المستحيل ، ولا تريدون أن تتخلوا عن مزاعم الفرد وادعاءاته . أما إلهنا نحن ، العقل ، فلن يحقق من هذه الرغائب إلاّ بقدر ما ستسمح به الطبيعة الخارجية ، وسيتم ذلك رويداً رويداً ، وفي مستقبل غير منظور ، وبالنسبة إلى أبناء هم غير أبنائنا . أما نحن الذين نشكو مر الشكوى من الحياة فلا يعدنا بأي تعويض . ولن يكون هناك مناص من التخلي ، على الطريق التي تفضي إلى ذلك الهدف القصي، عن مذاهبكم الدينية ، ولن يكون من المهم عندئذ أن تفشل المحاولات الأولى أو ألاّ تكتب الحياة للتشكيلات البديلة الأولى . وأنتم تعلمون السبب : فما من شيء يستطيع على المدى الطويل أن يقاوم العقل والتجربة ، وتناقض الدين مع كليهما أمر لا يحتاج إلى بيان ] ( المرجع السابق ص 74) .
13 - ونختم نقلاً عن آراء فرويد حول الدين والصحة النفسية بما قاله من أن الدين عصاب البشرية الوسواسي العام ، حيث قال : [ يمكن القول بأن الدين هو عصاب البشرية الوسواسي العام ، وبأنه ينبثق ، مثله مثل عصاب الطفل ، عن عقدة أوديب، عن علاقات الطفل بالأب . وانطلاقاً من هذه التصورات ، يمكننا أن نتوقع أن يتم العزوف عن الدين عبر سيرورة النمو المحتومة التي لا راد لها ] ( المرجع السابق ص 60) .
المصدر: اكاديمية علم النفس - من قسم: قــاعـــة : عـلـم الـنـفـس الإســلامــي |
Islamic Psychology
http://www.acofps.com/vb/showthread.php?t=4518
وجهة نظر سيجموند فرويد حول الدين
سيجموند فرويد صاحب نظرية التحليل النفسي يرى الدين بانه مرض نفسي و قد أفادنا الدكتور صالح الصنيع في كتابه التدين و الصحة النفسية ( ص 18 - 22 ) و بين وجهة النظر من أقوال صاحب النظرية حيث قال : ( حيث يرى أصحاب هذا الاتجاه أن الدين سبب للإصابة بالأمراض النفسية ، وهذا واضح لدى زعيم مدرسة التحليل النفسي سيجموند فرويد
[ 1856 - 1939م ] .
وسنحاول فيما يلي استعراض أهم أفكاره في هذا الموضوع والتي ظهرت بشكل واضح في كتابيه ( قلق في الحضارة ) و ( مستقبل وهم ) وخصوصاً هذا الأخير ، والذي خصصه لمهاجمة الدين ودوره في حياة الناس . وسيتم ذلك في نقاط متتالية وفق ما يلي :
1 - يتناول فرويد المصاعب والمشاق التي تنغص على الإنسان سعادته وصحته النفسية ويصف لها مسكنات فيقول : [ إن حياتنا ، كما هي مفروضة علينا ، ثقيلة الوطء ، وتغل أعناقنا بكثرة كثيرة من المشاق والخيبات والمهام الكأداء . وحتى نستطيع لها احتمالاً ، فلا غنى لنا عن المسكنات ... ولعل المسكنات على أنواع ثلاثة : أولها إلهيات قوية تتيح لنا أن نعتبر بؤسنا هيناً أمره ، وثانيها إشباعات بديلة تخفض من وطأته ، وأخيرها مخدرات تفقدنا الإحساس به . وليس لنا عن واحدة على الأقل من هذه الوسائل غناء ] ( قلق في الحضارة ص ص 20-21 ) .
وواضح اعتبار فرويد في هذه العبارة الدين مسكن مشابه للمخدرات وهي مغالطة فكرية وعلمية لا تقوم على أساس .
2 - يربط فرويد بين السعادة وبين قطع الإنسان صلته بالواقع وبالدين لأن الدين هذيان جماعي فيقول : [ ثمة طريقة أخرى أكثر جذرية وأبعد شأوا ، طريقة ترى في الواقع العدو الأوحد ، ينبوع كل ألم . فبما أن الواقع يجعل حياتنا مستحيلة لا تطاق ، فلا بد من قطع كل صلة به ، إذا كنا نحرص على السعادة بصورة من الصور ... متى ما سعت الكائنات البشرية بأعداد كبيرة إلى تأمين السعادة لنفسها وإلى الاحتماء من الألم بواسطة تشويه خرافي للواقع ( الدين ) . والحال أن أديان البشرية يجب أن تعتبر هذيانات جماعية من هذا النوع ] ( المرجع السابق ص ص 29-30 ) .
3 - يرى فرويد أن الدين هذيان وأنه يشوه الواقع ويزجر العقل ولا يحقق السعادة التي يبتغيها الإنسان فيقول : [ إن الدين يضر بلعبة التكيف والانتخاب تلك ، إذ يفرض على الجميع ، وعلى نسق واحد ، طرقه الخاصة للوصول إلى السعادة وللفوز بالمناعة ضد الألم . وتقوم خطته على تخفيض قيمة الحياة وعلى تشويه صورة العالم الواقعي تشويهاً بالغاً ، وهذا نهج يتخذ مسلمه له زجر العقل وتخويفه . وبهذا الثمن يفلح الدين ، بإلباسه أتباعه بالقوة ثوب طفولة نفسية وبزجهم جميعاً في هذيان جماعي ] ( المرجع السابق ص ص 34-35 ) .
4 - يقرر فرويد أن الإنسان محروم من السعادة لأن الحضارة تحرمه من ممارسة الجنس والعدوان فيقول : [ إذا كانت الحضارة تفرض مثل هذه التضحيات الباهظة ، لا على الجنسية فحسب بل أيضاً على العدوانية ، فإننا نفهم في هذه الحال فهماً أحسن لماذا يعسر على الإنسان غاية العسر أن يجد في ظلهما سعادته. وبهذا المعنى ، كان الإنسان البدائي محظوظ القسمة في الواقع لأنه ما كان يعرف أي تقييد لغرائزه. وبالمقابل ، كان اطمئنانه إلى التمتع مطولاً بمثل هذه السعادة واهياً للغاية . وقد قايض الإنسان المتحضر قسطاً من السعادة الممكنة بقسط من الأمان ] ( المرجع السابق ص 77 ) .
5 - يرى فرويد أن الشعور بالذنب الذي جاءت به الأديان هو مشكلة الحضارة وبسبب نقص في شعورنا بالسعادة فيقول : [ كان قصدنا رغم كل شيء أن نصور الشعور بالذنب على أنه المشكلة الرئيسية لتطور الحضارة ، وأن نبين ، فضلاً عن ذلك ، لماذا يتوجب علينا دفع فاتورة تقدم هذه الأخيرة بنقصان في السعادة ناجم عن تعزيز ذلك الشعور ] ( المرجع السابق ص 103 ) .
6 - وإذا أردنا أن نعرف التعليل النفسي التحليلي لتكوين الأديان لدى فرويد فنجده يربطه بمرحلة الطفولة وحاجة الطفل للحماية مما يؤدي إلى وجود الآلهة ، حيث يقول : [ التعليل النفسي التحليلي لتكوين الأديان هو هو نفسه ، كما هو متوقع ، المساهمة الطفلية في تعليله الظاهر ... حين يتبين الطفل ، وهو يشب ويترعرع ، أنه مقضى عليه بأن يبقى أبد حياته طفلاً ، وأنه لن يكون في مقدوره أبداً أن يستغني عن الحماية من القوى العليا والمجهولة ، يضفي عندئذ على هذه القوى قسمات وجه الأب ، ويبتدع لنفسه آلهة ، آلهة يخشى جانبها ويسعى إلى أن يحظى بعطفها ويعزو إليها في الوقت نفسه مهمة حمايته . وهكذا يتفق حنين الطفل إلى الأب مع ما يحس به من حاجة إلى حماية بحكم الضعف البشري ؛ كما أن رد فعل الطفل الدفاعي حيال شعور الضيق يتفق ورد فعل الراشد حيال الشعور بالضيق الذي يخالجه بدوره ، والذي يتولد عنه الدين وسماته المميزة ] ( مستقبل وهم ص ص 32-33 ) . وواضح في هذا النص الرأي البعيد عن العلمية لعدم وجود مايسنده علمياً ولتناقضه مع الفطرة السليمة للإنسان التي تعرف الإله الواحد سبحانه وتعالى . وسنؤجل الرد على آراء فرويد إلى أن ننـتهي من عرضها .
7 - يعود فرويد للتأكيد على أن الأديان توهمات وأن سبب وجودها هو الخوف الطفلي والقلق الإنساني إزاء أخطار الحياة ، فيقول : [ حين نوجه أنظارنا نحو التكوين النفسي للأفكار الدينية . فهذه الأفكار التي تطرح نفسها على أنها معتقدات ، ليست خلاصة التجربة أو النتيجة النهائية للتأمل والتفكير ، إنما هي توهمات ، تحقيق لأقدم رغبات البشرية وأقواها وأشدها إلحاحاً . وسر قوتها هو قوة هذه الرغبات . وبالأصل ، نحن نعلم ذلك : فالإحساس المرعب بالضائقة الطفلية أيقظ الحاجة إلى الحماية والحماية بالحب ، وهي حاجة لباها الأب . وإدراك الإنسان أن هذه الضائقة تدوم الحياة كلها جعله يتشبث بأب ، أب أعظم قوة وأشد بأساً هذه المرة . فالقلق الإنساني إزاء أخطار الحياة يسكن ويهدأ لدى التفكير بالسلطان الرفيق العطوف للعناية الإلهية ، كما أن إرساء أسس نظام أخلاقي يكفل تلبية مقتضيات العدالة ، هذه المقتضيات التي لبثت في غالب الأحيان غير متحققة في الحضارات الإنسانية ؛ ثم إن إطالة الحياة الأرضية بحياة مستقبلية تقدم إطار الزمان والمكان الذي ستحقق فيه تلك الرغبات ] ( المرجع السابق ص 41) .
8 - يربط فرويد بين التدين وبين بعض المشكلات النفسية وهي العجز والشعور بالتفاهة ، فيقول : [ لايزال النقاد يصرون على إطلاق صفة (( التدين العميق )) على كل إنسان يقر بما يراوده من شعور بتفاهة الإنسان وبالعجز البشري في مواجهة الكون ، وهذا بالرغم من أن جوهر التدين لا يقوم على ذلك الشعور ، وإنما بالأحرى على المسعى الذي يعقبه ويتفرع منه ، أي رد فعل الإنسان على ذلك الشعور في محاولة لاتقائه والتحصن ضده . أما من لا يتوغل إلى أبعد من ذلك ، أما من يسلم بكل تواضع بالدور الضئيل الذي يلعبه الإنسان في فسيح الكون ، فهو بالأحرى لا متدين بأصدق معاني الكلمة ] ( المرجع السابق ص 45) .
9 - يرى فرويد أن الدين لم يحقق السعادة والأخلاق التي يبحث عنها الإنسان ، فيقول : [ فمن المشكوك فيه أن يكون البشر قد عرفوا في مجملهم ، في العهد الذي كان الدين يسود فيه بلا منازع ، سعادة أكبر من تلك التي يعرفونها اليوم ؛ وعلى كل حال ما كانوا ، بالتأكيد ، أكثر أخلاقية ] ( المرجع السابق ص 52) .
10 - يشبه فرويد دور الدين في حياة الإنسان بالدور الذي تقوم به المنبهات والمسكرات للإنسان عند تناوله لهما ، فيقول : [ مفعول العزاء والسلوان الذي يقدمه الدين للإنسان يمكن المقايسة بينه وبين مفعول المنومات : وما يجري الآن في أمريكا أسطع مثال على ذلك . فهم يريدون هناك أن يحرموا الناس - تحت تأثير سيطرة النساء بالطبع - من كل منبه ومن كل شراب مسكر ، ويعلفونهم بالمقابل ورعاْ وتقوى ] ( المرجع السابق ص 67 ) .
11 - يؤكد فرويد أن الإنسان يمكن أن يحتمل مشاق الحياة عندما يقطع رجاءه بالغيب ، فيقول : [ ولاشك في أن الإنسان سيتوصل ، يوم يقطع رجاءه من عالم الغيب أو يوم يركز كل طاقاته المحررة على الحياة الأرضية ، إلى أن يجعل الحياة قابلة للاحتمال من قبل الجميع ] ( المرجع السابق ص ص 68-69) .
12 - يعقد فرويد مقارنة بين دور الدين ودور العقل في تحقيق الأخوة الإنسانية وتقليل أو تناقص الألم الذي يتعرض له الإنسان ، ويرجح العقل على الدين في هذه المقارنة ، فيقول : [ لما كانت أولوية العقل ستنشد في أرجح الظن نفس الأهداف التي يفترض في إلهكم أن يبلغكم إياها : الأخوة الإنسانية وتناقص الألم ... أنتم تريدون أن يبدأ الهناء بعد الموت مباشرة ، وتطلبون إليه أن يحقق المستحيل ، ولا تريدون أن تتخلوا عن مزاعم الفرد وادعاءاته . أما إلهنا نحن ، العقل ، فلن يحقق من هذه الرغائب إلاّ بقدر ما ستسمح به الطبيعة الخارجية ، وسيتم ذلك رويداً رويداً ، وفي مستقبل غير منظور ، وبالنسبة إلى أبناء هم غير أبنائنا . أما نحن الذين نشكو مر الشكوى من الحياة فلا يعدنا بأي تعويض . ولن يكون هناك مناص من التخلي ، على الطريق التي تفضي إلى ذلك الهدف القصي، عن مذاهبكم الدينية ، ولن يكون من المهم عندئذ أن تفشل المحاولات الأولى أو ألاّ تكتب الحياة للتشكيلات البديلة الأولى . وأنتم تعلمون السبب : فما من شيء يستطيع على المدى الطويل أن يقاوم العقل والتجربة ، وتناقض الدين مع كليهما أمر لا يحتاج إلى بيان ] ( المرجع السابق ص 74) .
13 - ونختم نقلاً عن آراء فرويد حول الدين والصحة النفسية بما قاله من أن الدين عصاب البشرية الوسواسي العام ، حيث قال : [ يمكن القول بأن الدين هو عصاب البشرية الوسواسي العام ، وبأنه ينبثق ، مثله مثل عصاب الطفل ، عن عقدة أوديب، عن علاقات الطفل بالأب . وانطلاقاً من هذه التصورات ، يمكننا أن نتوقع أن يتم العزوف عن الدين عبر سيرورة النمو المحتومة التي لا راد لها ] ( المرجع السابق ص 60) .
المصدر: اكاديمية علم النفس - من قسم: قــاعـــة : عـلـم الـنـفـس الإســلامــي |
Islamic Psychology
http://www.acofps.com/vb/showthread.php?t=4518
هاروني رضوان- المساهمات : 67
تاريخ التسجيل : 01/11/2010
الموقع : جامعة تلمسان
مواضيع مماثلة
» حريم فرويد..
» نظرية فرويد في التحليل النفسي
» توجيه تلاميذ الصف الرابع متوسط من وجهة نظر الاولياء
» وجهة النظر الإسلامية في الصحة النفسية -أ/بوعود اسماء
» العلاقة بين وجهة الضبط واليأس لدى عينة من العائدين إلى الجريمة – مؤسسة إعادة التربية والتأهيل تازولت- ابراهيم بوزيد
» نظرية فرويد في التحليل النفسي
» توجيه تلاميذ الصف الرابع متوسط من وجهة نظر الاولياء
» وجهة النظر الإسلامية في الصحة النفسية -أ/بوعود اسماء
» العلاقة بين وجهة الضبط واليأس لدى عينة من العائدين إلى الجريمة – مؤسسة إعادة التربية والتأهيل تازولت- ابراهيم بوزيد
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى