الإسلام والصحة النفسية
صفحة 1 من اصل 1
الإسلام والصحة النفسية
الإسلام والصحة النفسية
والإسلام لم يهتم بصحة الجسد فقط بل اهتم أيضًا بصحة النفس، فأمر بذكر الله U, وجعل ذلك اطمئنانًا للقلب، فقال I: {أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28]. وحض المسلمين على الرفق والرحمة وحسن الخُلق ولين الجانب وطيب الكلام, وجعل في التبسم صدقة، وجعل في أدب المعاملات أجرًا، وشجع المسلمين على نسيان أخطاء الغير وعلى العفو والمغفرة، وعظَّم لهم قيمة الرضا بما قسم الله U، وجعل لهم الجنة عوضًا عما أصابهم من مصائب إذا صبروا عليها.
ولا شك أن كل هذا يصبُّ في صحة نفسية جيدة، ويسمو بالروح ويطمْئِن القلب، ويرتفع بأخلاق المسلم وقيمه وأهدافه إلى درجات راقية لا يتخيلها غير المسلم. ولا شك أيضًا أن معدل الأمراض النفسية من قلق واضطراب واكتئاب أعلى بكثير في بلاد الغرب منها في بلاد المسلمين، وليس أدل على ذلك من مراجعة نسب الانتحار هنا وهناك؛ لتعلم قيمة الإسلام.
وانطلاقًا من حفاظ الإسلام على صحة الفرد والمجتمع، فإن الإسلام لم يحض على الاهتمام بالجسد والنفس فقط بل اهتم أيضًا بما يُلبس من ثياب؛ فالثياب النظيفة الجميلة تعود بالفائدة على صاحبها وعلى من يعيشون إلى جواره، بل على من يراه وإن كان لا يعرفه.
ففي أول ما نزل من القرآن نجد قول الله U: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 4]. وما أروع أن يكون اهتمام الإسلام من أول يوم نزل فيه للبشر بظاهرهم كما يهتم بباطنهم؛ فهو يقرن التوحيد بنظافة الإنسان فيقول: {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 3، 4]. واللفظ يحتمل ظاهر المعنى، وإن كانت له تأويلات أخرى.
كما أن التشريع الإسلامي عدَّ الثوب نجسًا بمجرد وصول شيء من النجاسة إليه كالبول والغائط والدم، ولا تصح الصلاة فيه إلا أن تزول النجاسة، حتى لو كانت النجاسة قليلة، قال أحمد بن حنبل -رحمه الله- عن الثوب الذي أصابه بول أو غائط: "يعيد الصلاة من قليله وكثيره"؛ أي من قليل النجاسة أو كثيرها. كذلك ينجس الماء إذا وقع فيه من النجاسة ما يغيِّر لونه أو طعمه أو رائحته، وكل ذلك يهدف إلى عدم استعمال شيء وصل إليه قذر أو وسخ.
ولا يهتم المسلم بنظافة نفسه وثيابه فقط، بل يجب أن يهتم بنظافة البيئة التي حوله، وهذا موضوع كبير ويحتاج إلى تفصيل، وسنفرد له إن شاء الله مقالاً خاصًّا.
وإذا كان عطاء الإسلام فيما يخص الوقاية من الأمراض على هذا النحو من الرقي، فإنه لا يقف عاجزًا أمام الأمراض إذا حدثت؛ فلا يكتفي بالأمر بالتداوي فقط، ولكن يحض -وبشدة- على منع انتشار الأمراض في المجتمع. وإن المرء ليقف مبهورًا أمام عظمة التوجيه النبوي الذي يحدُّ من انتشار الأمراض في المجتمع، حيث قال r فيما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة t: "لاَ يُورِدَنَّ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ". فهو بذلك يوضح لك أبسط وسائل الوقاية من الأمراض، وأنجحها في ذات الوقت، وهذا كله منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام!!
ثم هو يختار أمراضًا خطيرة بعينها -عُلِم الآن على وجه اليقين أنها تنتقل بالعدوى- ويحذر منها تحذيرًا بيّنًا ظاهرًا لا يحتمل التأويل؛ فيقول مثلاً في أمر مرض الجذام الخطير، كما جاء في البخاري عن أبي هريرة t: "فِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ فِرَارَكَ مِنَ الأَسَدِ".
ثم هو يضع أعظم قواعد الحجر الصحي بالنسبة للأوبئة الخطيرة كالطاعون، وذلك كما روى مسلم عن أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- أن رسول الله r كان يتحدث عن الطاعون فقال: "... فَإِذَا كَانَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلاَ تَخْرُجُوا مِنْهَا، وَإِذَا بَلَغَكُمْ أَنَّهُ بِأَرْضٍ فَلاَ تَدْخُلُوهَا".
وهذا هو قمة ما وصل إليه الطب الحديث في محاولة الحد من انتشار الأوبئة الخطيرة كالطاعون.
وأخيرًا.. فإن المنهج الإسلامي في الوقاية من الأمراض لكي يضمن الدقة في التطبيق، والحرص في أداء القواعد الصحية، فإنه يربط كل هذه القواعد برضا الله U، وبالزجر والمثوبة, والجنة والنار؛ فليس الغرض هو الحياة الدنيوية السعيدة فقط -وإن كان هذا متحققًا إن شاء الله- ولكن الهدف أسمى من ذلك وأجلّ وهو سعادة الآخرة؛ فنجد مثلاً في تعظيم أمر السواك وطهارة الفم ونظافته أن الرسول r يقول كما روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها: "السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ، مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ". فهو لا يحقق نظافة وصحة فقط, بل يحقق أجرًا ومثوبة.
ونجده r يقول في أمر الوضوء والغسل، وذلك كما روى البخاري ومسلم عن أبي مالك الأشعري t: "الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيمَانِ"، فجعل هذا الطهور وهذه النظافة نصف الإيمان. ونجده يعطي أجرًا عظيمًا لمن ساهم في منع انتشار الطاعون، حتى يصل هذا الأجر إلى الشهادة في سبيل الله، فيقول فيما رواه البخاري وأبو داود عن السيدة عائشة -رضي الله عنها- عندما سألته عن الطاعون: "أَنَّهُ كَانَ عَذَابًا يَبْعَثُهُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ، فَجَعَلَهُ اللَّهُ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ، فَلَيْسَ مِنْ عَبْدٍ يَقَعُ الطَّاعُونُ فَيَمْكُثُ فِي بَلَدِهِ صَابِرًا، يَعْلَمُ أَنَّهُ لَنْ يُصِيبَهُ إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ، إِلاَّ كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ الشَّهِيدِ".
وهكذا، فإن المنهج الإسلامي يجمع -بدقة عجيبة- بين سعادة الدنيا وسعادة الآخرة، ويجمع أيضًا بين رضا العبد عن حياته وصحته ونظافته وأمنه، ورضا الله U عن العبد في الدنيا والآخرة، وليس ذلك الجمع إلا في الإسلام، فما أروعه من دين! وما أجلّه من دستور.
د. راغب السرجاني
http://www.islamstory.com/الطب_الوقائي_في_الإسلام?gclid=CM6f2dag-6UCFcUOfAodnTNGqQ
والإسلام لم يهتم بصحة الجسد فقط بل اهتم أيضًا بصحة النفس، فأمر بذكر الله U, وجعل ذلك اطمئنانًا للقلب، فقال I: {أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28]. وحض المسلمين على الرفق والرحمة وحسن الخُلق ولين الجانب وطيب الكلام, وجعل في التبسم صدقة، وجعل في أدب المعاملات أجرًا، وشجع المسلمين على نسيان أخطاء الغير وعلى العفو والمغفرة، وعظَّم لهم قيمة الرضا بما قسم الله U، وجعل لهم الجنة عوضًا عما أصابهم من مصائب إذا صبروا عليها.
ولا شك أن كل هذا يصبُّ في صحة نفسية جيدة، ويسمو بالروح ويطمْئِن القلب، ويرتفع بأخلاق المسلم وقيمه وأهدافه إلى درجات راقية لا يتخيلها غير المسلم. ولا شك أيضًا أن معدل الأمراض النفسية من قلق واضطراب واكتئاب أعلى بكثير في بلاد الغرب منها في بلاد المسلمين، وليس أدل على ذلك من مراجعة نسب الانتحار هنا وهناك؛ لتعلم قيمة الإسلام.
وانطلاقًا من حفاظ الإسلام على صحة الفرد والمجتمع، فإن الإسلام لم يحض على الاهتمام بالجسد والنفس فقط بل اهتم أيضًا بما يُلبس من ثياب؛ فالثياب النظيفة الجميلة تعود بالفائدة على صاحبها وعلى من يعيشون إلى جواره، بل على من يراه وإن كان لا يعرفه.
ففي أول ما نزل من القرآن نجد قول الله U: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 4]. وما أروع أن يكون اهتمام الإسلام من أول يوم نزل فيه للبشر بظاهرهم كما يهتم بباطنهم؛ فهو يقرن التوحيد بنظافة الإنسان فيقول: {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 3، 4]. واللفظ يحتمل ظاهر المعنى، وإن كانت له تأويلات أخرى.
كما أن التشريع الإسلامي عدَّ الثوب نجسًا بمجرد وصول شيء من النجاسة إليه كالبول والغائط والدم، ولا تصح الصلاة فيه إلا أن تزول النجاسة، حتى لو كانت النجاسة قليلة، قال أحمد بن حنبل -رحمه الله- عن الثوب الذي أصابه بول أو غائط: "يعيد الصلاة من قليله وكثيره"؛ أي من قليل النجاسة أو كثيرها. كذلك ينجس الماء إذا وقع فيه من النجاسة ما يغيِّر لونه أو طعمه أو رائحته، وكل ذلك يهدف إلى عدم استعمال شيء وصل إليه قذر أو وسخ.
ولا يهتم المسلم بنظافة نفسه وثيابه فقط، بل يجب أن يهتم بنظافة البيئة التي حوله، وهذا موضوع كبير ويحتاج إلى تفصيل، وسنفرد له إن شاء الله مقالاً خاصًّا.
وإذا كان عطاء الإسلام فيما يخص الوقاية من الأمراض على هذا النحو من الرقي، فإنه لا يقف عاجزًا أمام الأمراض إذا حدثت؛ فلا يكتفي بالأمر بالتداوي فقط، ولكن يحض -وبشدة- على منع انتشار الأمراض في المجتمع. وإن المرء ليقف مبهورًا أمام عظمة التوجيه النبوي الذي يحدُّ من انتشار الأمراض في المجتمع، حيث قال r فيما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة t: "لاَ يُورِدَنَّ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ". فهو بذلك يوضح لك أبسط وسائل الوقاية من الأمراض، وأنجحها في ذات الوقت، وهذا كله منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام!!
ثم هو يختار أمراضًا خطيرة بعينها -عُلِم الآن على وجه اليقين أنها تنتقل بالعدوى- ويحذر منها تحذيرًا بيّنًا ظاهرًا لا يحتمل التأويل؛ فيقول مثلاً في أمر مرض الجذام الخطير، كما جاء في البخاري عن أبي هريرة t: "فِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ فِرَارَكَ مِنَ الأَسَدِ".
ثم هو يضع أعظم قواعد الحجر الصحي بالنسبة للأوبئة الخطيرة كالطاعون، وذلك كما روى مسلم عن أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- أن رسول الله r كان يتحدث عن الطاعون فقال: "... فَإِذَا كَانَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلاَ تَخْرُجُوا مِنْهَا، وَإِذَا بَلَغَكُمْ أَنَّهُ بِأَرْضٍ فَلاَ تَدْخُلُوهَا".
وهذا هو قمة ما وصل إليه الطب الحديث في محاولة الحد من انتشار الأوبئة الخطيرة كالطاعون.
وأخيرًا.. فإن المنهج الإسلامي في الوقاية من الأمراض لكي يضمن الدقة في التطبيق، والحرص في أداء القواعد الصحية، فإنه يربط كل هذه القواعد برضا الله U، وبالزجر والمثوبة, والجنة والنار؛ فليس الغرض هو الحياة الدنيوية السعيدة فقط -وإن كان هذا متحققًا إن شاء الله- ولكن الهدف أسمى من ذلك وأجلّ وهو سعادة الآخرة؛ فنجد مثلاً في تعظيم أمر السواك وطهارة الفم ونظافته أن الرسول r يقول كما روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها: "السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ، مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ". فهو لا يحقق نظافة وصحة فقط, بل يحقق أجرًا ومثوبة.
ونجده r يقول في أمر الوضوء والغسل، وذلك كما روى البخاري ومسلم عن أبي مالك الأشعري t: "الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيمَانِ"، فجعل هذا الطهور وهذه النظافة نصف الإيمان. ونجده يعطي أجرًا عظيمًا لمن ساهم في منع انتشار الطاعون، حتى يصل هذا الأجر إلى الشهادة في سبيل الله، فيقول فيما رواه البخاري وأبو داود عن السيدة عائشة -رضي الله عنها- عندما سألته عن الطاعون: "أَنَّهُ كَانَ عَذَابًا يَبْعَثُهُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ، فَجَعَلَهُ اللَّهُ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ، فَلَيْسَ مِنْ عَبْدٍ يَقَعُ الطَّاعُونُ فَيَمْكُثُ فِي بَلَدِهِ صَابِرًا، يَعْلَمُ أَنَّهُ لَنْ يُصِيبَهُ إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ، إِلاَّ كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ الشَّهِيدِ".
وهكذا، فإن المنهج الإسلامي يجمع -بدقة عجيبة- بين سعادة الدنيا وسعادة الآخرة، ويجمع أيضًا بين رضا العبد عن حياته وصحته ونظافته وأمنه، ورضا الله U عن العبد في الدنيا والآخرة، وليس ذلك الجمع إلا في الإسلام، فما أروعه من دين! وما أجلّه من دستور.
د. راغب السرجاني
http://www.islamstory.com/الطب_الوقائي_في_الإسلام?gclid=CM6f2dag-6UCFcUOfAodnTNGqQ
هاروني رضوان- المساهمات : 67
تاريخ التسجيل : 01/11/2010
الموقع : جامعة تلمسان
مواضيع مماثلة
» اكبرمكتبة علم النفس والاجتماع والصحة النفسية وتطوير الذات
» هدية عاشق العيون اكبر مكتبة الكترونية لكتب علم النفس والاجتماع والصحة النفسية وتطوير الذات
» الإسلام وتحقيق الصحة النفسية -أ/بوعود اسماء
» الصدمة النفسية..
» اهم العلاجات النفسية بحث خاص بي
» هدية عاشق العيون اكبر مكتبة الكترونية لكتب علم النفس والاجتماع والصحة النفسية وتطوير الذات
» الإسلام وتحقيق الصحة النفسية -أ/بوعود اسماء
» الصدمة النفسية..
» اهم العلاجات النفسية بحث خاص بي
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى