جمعية ستيفيس للصحة النفسية لولاية سطيف
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

رعاية المسن في الاسلام (قرات لك) اد/نادية بعيبع

اذهب الى الأسفل

رعاية المسن في الاسلام  (قرات لك) اد/نادية بعيبع Empty رعاية المسن في الاسلام (قرات لك) اد/نادية بعيبع

مُساهمة  أد.ن بعيبع الإثنين فبراير 16, 2009 9:13 am

تهدف الصحة النفسية تطبيقيًا إلى الوقاية من الاضطرابات النفسية أولاً، وعلاج الاضطرابات النفسية والمحافظة على استمرار الصحة والتكيف الأفضل ثانيًا. وفي الجانب الأول نعمل على تحديد الجوانب التي يمكن أن تسبب الاضطرابات، ثم نعمل على إزالتها وإبعاد الأفراد عنها مع توفير الشروط العامة التي تعطي الفرد قوة عملية لمواجهة الظروف الصعبة. وفي الجانب الثاني تقوم المؤسسات المتخصصة بدعم الفرد من جهة، وعلاج مشكلاته النفسية التي يمكن أن توجد لديه من الجهة الثانية، ثم مرافقته لخطوات من أجل التأكد من حسن عودته إلى أسلم وضع وإلى انتظام ذلك في شروط الحياة المختلفة.

وهذا ما يدفعنا كعاملين في مجال الصحة النفسية للعناية بالفرد والعناية بالبيئات المختلفة شديدة الالتصاق به. وفي مجال المسنين فإن الشيخوخة تقترن بالاستهلاك التدريجي للأعضاء والتغيرات الحيوية التي تطرأ على الجسم والتي ترافق الشيخوخة. وهكذا فإنه من الطبيعي أن يحدث هذا التدهور في استهلاك العضلات كمرحلة من مراحل الحياة. قال تعالى {اللَّهٍ الَّذٌي خّلّقّكٍم مٌَن ضّعًفُ ثٍمَّ جّعّلّ مٌنً بّعًدٌ ضّعًفُ قٍوَّةْ ثٍمَّ جّعّلّ مٌنً بّعًدٌ قٍوَّةُ ضّعًفْا وّشّيًبّةْ يّخًلٍقٍ مّا يّشّاءٍ وهٍوّ الًعّلٌيمٍ القّدٌيرٍ} [الروم:54].

وتحتاج خدمات الصحة النفسية للمسنين لحسن التوجيه نفسيًا ومهنيًا واجتماعيًا للوقاية من مشكلات منظورة قبل وقوعها أو لعلاج مشكلات قائمة يعانيها المسنون. ولابد لنا في البداية من معرفة مميزات الحياة النفسية للمسن وهي كما يلي:

أهم جوانب حياة المسن ومميزاتها:

- قد تمتد فترة الشيخوخة عشرات السنين، ولذلك أثره في حياة الفرد ومن حوله من معارف وأصدقاء وأهل.. قال صلى الله عليه وسلم «خيركم من طال عمره وحسن عمله.. وشركم من طال عمره وساء عمله».

- يعاني المسن ضعفًا جسميًا عامًا في الإحساس والعضلات والعظام والنشاط الجسمي الداخلي ( هضمي وبولي ودموي وجلدي ) وضعفًا عامًا في النضارة.. وبدء ظهور الترهلات. وأعراض الشيخوخة هذه تظهر على كل إنسان..

- نضوج علمي وغزارة وثراء فكري، حيث إن أكابر العلماء خير إنتاجهم الفكري في هذه المرحلة (ما بعد الستين). ويكون لدى المسن أيضًا ثراء شخصي بالخبرة الذاتية مع الآخرين حيث يفهم الحياة فهمًا واقعيًا ويدرك الحياة بعيدًا عن الخيال وبواقعية عملية.

- معاناة صحية في تناوب مع المتاعب المرضية، ويتطلب ذلك عناية صحية متواصلة ودقيقة.

- صلابة نفسية واجتماعية في الاتجاهات، يصعب معها التكيف والتوافق النفسي للمسن مع مستجدات الحياة وما تتطلبه من علاقات وأنماط سلوكية جديدة مع أجيال عدة، وهو ما يجعله يعاني صعوبات التوافق الضروري للحياة الهادئة. قال تعالى: {وّمّن نٍَعّمٌَرًهٍ نٍنّكٌَسًهٍ فٌي الًخّلًقٌ أّفّلا يّعًقٌلٍونّ} [ يس: 68].

- يرى المسن نفسه إما متخوفًا من الوصول للشيخوخة، وإما منكرًا لها ولا يعطي لها بالاً في تصرفاته، وكلما تقدمت به السن شعر بالعجز أكثر، ويحدث ذلك في المجتمعات الغربية حيث يرى المسن نفسه قد وصل لمرحلة سلبية في حياته وذلك نتيجة لطبيعة العلاقات الاجتماعية المفككة، والروابط العائلية الضعيفة. وبالنسبة إليهم فإن مشكلة سن التقاعد قد خلقت مشاكل جديدة تتعلق بتحقيق الذات، وبحقوقهم كبشر وفي شعورهم بتدني المستوى المعيشي، وعدم ملاءمته لصحتهم ورفاهيتهم، ولصحة أسرهم ورفاهيتها، وأيضًا لزيادة الحاجة إلى الرعاية الصحية والطبية والاجتماعية والنفسية. ويرافق ذلك شعورهم بعدم الأمان بسبب تقدم السن وكل ذلك يساهم في نشوء مشكلات المسنين. أما في مجتمعاتنا الأكثر التزامًا بالنواحي الدينية فإننا نجد أن كبر السن يصاحبه ارتفاع في المكانة ويعامل المسن بالتبجيل والاحترام والتوقير.. قال صلى الله عليه وسلم «ليس منا من لم يرحم صغيرنا ولم يوقر كبيرنا» (رواه الترمذي).

ومن ناحية أخرى يؤدي الانقطاع عن العمل في عصرنا الراهن إلى زيادة النظر للشيخوخة بوصفها مشكلة نفسية واجتماعية، حيث إن التوقف عن العمل يتضمن انقطاع أدوار اجتماعية مهمة، وتقلصًا في الدخل وتقليلاً في فرص الاتصالات الاجتماعية، وزيادة في الوحدة والفراغ وهذا ما توصل إليه العلماء عمومًا بأن التقاعد هو أمر سلبي.

أهم مشكلات المعمرين

لا يتعرض كل مسن لمشكلات. والمشكلات نفسها متنوعة ومنها البسيط العابر أو الطارئ الذي يزول بالعلاج. وعدد كبير من المسنين عرضة لمشكلات مزمنة ولابد لهم من معايشتها بصبر وهدوء للتخفيف من أضرارها. قال صلى الله عليه وسلم للأعراب عندما سألوه فقالوا يا رسول الله أنتداوى ؟.. فقال صلى الله عليه وسلم «نعم يا عباد الله تداووا فإن الله عز وجل لم يضع داء إلا وضع له شفاء غير داء واحد» قالوا ما هو؟ قال: «الهرم» (أخرجه الترمذي وأحمد في مسنده).

والمشكلات يمكن أن تكون انفعالية وجدانية كالشعور بالفشل أو الإحباط، وهو ما يؤدي إلى أن تغلب على هؤلاء روح التشاؤم. وقد يصل ببعضهم إلى الشك بأقرب المقربين إليهم. ويكون سلوكهم متسمًا بالشك والحذر والحساسية والتأثر الانفعالي (قد يتزوج المسن ممن هي في سن بناته ويتصابى وعند عجزه يتهمها ويشك فيها وبهذا لا يوقر نفسه) قال صلى الله عليه وسلم عن ربه سبحانه وتعالى في الحديث القدسي «يا ابن آدم الشيب نور من نوري وإني أستحي أن أعذب نوري بناري فاستحي مني».

وهناك مشكلات ذهنية فكرية وذلك نتيجة ضعف الحواس وضعف الانتباه وعدم القدرة على التركيز، مما يضعف المدركات بالإضافة إلى ضيق الاهتمام وإلى ضعف الذاكرة وتشتتها وسرعة النسيان، وهو ما يجعل الفرد يتمركز بشكل محوري في تفكيره حول شيء، الأمر الذي يبدو شبيهًا بالوسوسة أو الهلوسة. قال تعالى: {يأ أّيٍَهّا پنَّاسٍ إن كٍنتٍمً فٌي رّيًبُ مٌَنّ پًبّعًثٌ فّإنَّا خّلّقًنّاكٍٍم مٌَن تٍرّابُ ثٍمَّ مٌن نٍَطًفّةُ ثٍمَّ مٌنً عّلّقّةُ ثٍمَّ مٌن مٍَضًغّةُ مٍَخّلَّقّةُ وغّيًرٌ مٍخّلَّقّةُ لٌَنٍبّيٌَنّ لّكٍمً وّنٍقٌرٍَ فٌي الأّرًحّامٌ مّا نّشّاءٍ إلّى" أّجّلُ مٍَسّمَْى ثٍمَّ نٍخًرٌجٍكٍمً طٌفًلاْ ثٍمَّ لٌتّبًلٍغٍوا أّشٍدَّكٍمً ومٌنكٍم مَّن يٍتّوّفَّى" وّمٌنكٍم مَّن يٍرّدٍَ إلّى" أّرًذّلٌ پًعٍمٍرٌ لٌكّيًلا يّعًلّمّ مٌنً بّعًدٌ عٌلًمُ شّيًئْا وّتّرّى الأّرًضّ هّامٌدّةْ فّإذّا أّنزّلًنّا عّلّيًهّا پًمّاءّ هًتّزَّتً وّرّبّتً وّأّنًبّتّتً مٌن كٍلٌَ زّوًجُ بّهٌيجُ} [الحج :5].
وأما المشكلات الصحية فإن أمراض الشيخوخة تعتبر أكثر خطورة لضعف مقاومة الجسم لدى المسن وشدة تأثره وضعفه، وهو ما يقلل فرص إجراء جراحات ضرورية لصحته. كما أن ضعف الجسم عمومًا يظهر لديه أمراضًا ومشكلات جسدية مثل أمراض القلب والشرايين وهشاشة العظام والكسور والأمراض الجلدية والحسية وغيرها، وقد يظهر لدى المريض توهم بالأمراض وتركيز زائد على الصحة حيث ينظر للعرض البسيط بأنه خطير. قال تعالى: { قّالّ رّبٌَ إنٌَي وّهّنّ العّظًمٍ مٌنٌَي واشًتّعّلّ الرَّأًسٍ شّيًبْا وّلّمً أّكٍنً بٌدٍعّائٌكّ رّبٌَ شّقٌيَْا} [مريم :4].

وهناك مشكلات اقتصادية يعانيها المسنون لنقص مواردهم المالية، ولضعف الأداء لديهم، أو للتقاعد، أو لترك العمل، وهذا في حد ذاته مشكلة نفسية واجتماعية وصحية واقتصادية بأبعادها المؤثرة والمتأثرة.

وأما المشكلات الاجتماعية فإن ازدياد العمر يقلل من الأصدقاء بسبب تفرقهم إما بالبعد وإما بالوفاة وإما بالسفر. وكذلك الأولاد لانهماكهم في شؤون الحياة. وأما شريك الحياة الزوجية فقد يتوفى وبالتالي يظل المسن يعاني الوحدة وآثارها النفسية. وكذلك فإن عددًا غير قليل من المسنين يعاني الصلابة الاجتماعية لصعوبة تكيفه وتبنيه أنماطًا جديدة في السلوك والتفكير في الوقاية من مشكلات الشيخوخة وعلاجها ويتبين ذلك فيما يلي:
:yaaahoooo
لقد سبق الإسلام بوضع الإجراءات الوقائية من مشكلات الشيخوخة وأولاها اهتمامه. قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «اغتنم خمسًا قبل خمس حياتك قبل موتك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك، وغناك قبل فقرك».
كما أوجب الإسلام على الأولاد بر الوالدين والإحسان إليهم ورسخه في نفوس الأمة. والتركيز على ذلك يساعد في الوقاية من بعض المشاكل النفسية للمعمر، قال تعالى {وقّضّى رّبٍَكّ أّلاَّ تّعًبٍدٍوا إلاَّ إيَّاهٍ وبٌالًوّالٌدّيًنٌ إحًسّانْا إمَّا يّبًلٍغّنَّ عٌندّكّ الكٌبّرّ أّحّدٍهٍمّا أّوً كٌلاهٍمّا فّلا تّقٍل لَّهٍمّا أٍفَُ وّلا تّنًهّرًهٍمّا وّقٍل لَّهٍمّا قّوًلاْ كّرٌيمْا ><ر23ر> وّاخًفٌضً لّهٍمّا جّنّاحّ الذٍَلٌَ مٌنّ پرَّحًمّةٌ وّقٍل رَّبٌَ رًحّمًهٍمّا كّمّا رّبَّيّانٌي صّغٌيرْا} [ الإسراء: 23 - 24] .

كما أوجب الإسلام احترام كبار السن وتوقيرهم وحث عليه قال صلى الله عليه وسلم: «ما أكرم شاب شيخًا من أجل سنه إلا قيض الله له عند سنه من يكرمه» (رواه الترمذي).. وقال صلى الله عليه وسلم: «إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم» (رواه أبو داود والبيهقي). وقال صلى الله عليه وسلم: «ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا ويأمر بالمعروف وينه عن المنكر» (رواه الترمذي).

كما أوجب الإسلام الرعاية الصحية بالفحص الطبي والدوري للكشف عن أي مشكلات صحية في بدايتها، وقبل استفحالها، والوقاية من العدوى، والاهتمام الصحي الجيد والوقاية من المرض بشكل أكبر عند المسن وذلك لنقص مقاومته وضعفها. قال صلى الله عليه وسلم «يا عباد الله تداووا فإن الله عز وجل لم يضع داء إلا وضع له شفاء».

ويجب رعاية المسن والاهتمام به أولاً بأول في حل المشكلات أو إشباع الحاجات، ولابد من عمل برنامج نشاط حركي جسمي وذهني عقلي له لمساعدته على روح التفاؤل ليعيش شيخوخته بأوسع وأكمل شيء ممكن. ولابد من الاهتمام بالعمر العقلي ومراعاته وكذلك العمر التحصيلي والمستوى الفسيولوجي والانفعالي والاجتماعي والجنسي، فالشيخوخة لا تعد بالعمر الزمني فقط.

ويجب تشجيع المسن على البحث والاطلاع حتى نبقي ذاكرته متنبهة، ونشجعه على تحديد أهداف للمستقبل يسعى لتحقيقها، ونحثه على السعي لذلك. قال صلى الله عليه وسلم «خيركم من طال عمره وحسن عمله». وقال صلى الله عليه وسلم «إذا قامت قيامة أحدكم وفي يد أحدكم فتيلة فليغرسها».

أد.ن بعيبع
Admin

المساهمات : 257
تاريخ التسجيل : 22/10/2008

https://assps.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى