جمعية ستيفيس للصحة النفسية لولاية سطيف
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

التعديل المعرفي السلوكي كأسلوب لعلاج الضغوط لدى المساجين

2 مشترك

اذهب الى الأسفل

التعديل المعرفي السلوكي كأسلوب لعلاج الضغوط لدى المساجين Empty التعديل المعرفي السلوكي كأسلوب لعلاج الضغوط لدى المساجين

مُساهمة  وفاء الجمعة ديسمبر 03, 2010 10:33 pm

المداخلة ل:د جبالي نور الدين،د. كربال مختار- جامعة باتنة .
مداخلة بعنوان: التعديل المعرفي السلوكي كأسلوب لعلاج الضغوط لدى المساجين- دراسة ميدانية بمؤسسة إعادة التربية باتنة-
مقدمة:
تعتبر الضغوط من الظواهر التي لازمت الإنسان منذ العصور القديمة ، غير أنها أصبحت سمة في هذا العصر الذي يتميز بتعقيدات اجتماعية وبيئية واقتصادية مما ولد صعوبة أو عجز لدى الفرد في مواجهة هذه الضغوط مما شاع في هذا القرن تسميته بعصر الضغوط.
وبالرغم من أن الاهتمام العلمي بالضغوط قد نما وترعرع في الكثير من العلوم مثل علم الاجتماع و الانثربولوجيا والفيسيولوجيا وعلم النفس والطب فان هناك فرعين من فروع العلم كان الأوفر حظا من فروع العلم في تناول موضوع الضغوط الأول هو علم الحيوانBiologie والثاني هو علم النفس Psychologie Fleming et all…1984)
وعلى الجانب النفسي كانت الضغوط -ولفترة طويلة -عبارة عن متغير ضمني يعمل كإطار تنظيمي للتفكير في الأمراض النفسية ، وبرغم ذلك فان مصطلح "القلق" هو المصطلح المستخدم وليس الضغوط ، حيث لم تظهر كلمة الضغوط في فهرس مجلة الملخصات السيكولوجية حتى عام 1949 وكان للحرب العالمية الثانية تحفيزا للبحث في مجال الضغوط. وقد تم الكشف عن واحد من التطبيقات السيكولوجية لمصطلح الضغوط في كتاب مميز عن الحرب كتبه "جرينكر وسبيجل" Grunker et Spegiel كان عنوانه البشر تحت الضغوط ويمثل لازاروس 1966 احد العلماء المبرزين في دراسة الضغوط وتنبثق أهمية أعمال لازاروس في اهتمامه بعملية المواجهة أو التعامل مع الضغوط . (Coping)
ولئن كانت الضغوط قضية العصر في كل المجتمعات فإن مجتمع السجن أكثر عرضة للإصابة بالضغوط حيث يحمل هذا الوسط مثيرات وخصوصيات تجعل المحبوس يتفاعل مع هذا المحيط بشكل سلبي كما تلعب شخصية المحبوس من حيث كيفية مواجهته لهذه الضغوط دورا جوهريا في الاستجابة للأحداث الضاغطة في هذا الوسط حيث رأينا أن الكثير من السجناء يعانون من حالات ضغط نفسي جراء صعوبة التكيف في فترة احتباسهم كما وجدنا أن المواجهة الغير الفعالة للمواقف الضاغطة والمتمثلة في التقييم السلبي للأحداث الضاغطة في السجن تزيد من حالة الضغط لدى النزيل وعليه سنحاول في دراستنا هذه تطبيق أسلوب التعديل المعرفي السلوكي والمتمثل في إعادة التقييم المعرفي والوعي الانتقائي وكذلك التدريب على الاسترخاء للتخفيض من حالة الضغط النفسي.
1-الإشكالية وإطارها النظري:
يعد مفهوم الضغوط النفسية من المفاهيم ذات العلاقة بالصحة النفسية والجسدية، حيث تشير أن ردود أفعال الضغوط النفسية تؤدي إلى حدوث اختلال في الصحة النفسية والجسدية لدى الفرد. إن أحداث الحياة الضاغطة والمستمرة تستنفذ طاقة الفرد وقدرته على التكيف وتعرضه للإجهاد والأمراض النفسية ، وإذا كانت البيئة أو الأحداث الضاغطة سببا في حدوث الضغط غير أن الكيفية التي يواجه بها الفرد هذه الضغوط هي التي تفسر المردود التكيفي للأفراد، وهذا ما نحاول أن نكشفه في دراستنا على عينة من المساجين الذين يعانون من حالات ضغط نفسي شديد لنرى مدى مساهمة التقييم المعرفي للمسجون في حدوث الضغط باعتباره وسيلة لمواجهة الضغوط والذي يظهر من خلال المحتوى المعرفي للمحبوس في كيفية إدراكه للمواقف الضاغطة وعليه تكمن مشكلة الدراسة في التساؤلات الآتية:
1. ماهي المنظومة المعرفية للسجين الذي يعاني من حالة الضغط النفسي؟
2. ما مدى فاعلية أسلوب التعديل المعرفي السلوكي في التخفيض من حالة الضغط النفسي ؟
2-فرضية البحث:
إن لأسلوب التعديل المعرفي السلوكي فاعلية في تخفيض الضغوط النفسية لدى المساجين.
3-حدود الدراسة:
تتحدد الدراسة الحالية بالمتغيرات التي تدرسها وهي التعديل المعرفي السلوكي ومدى تأثير هذه التقنية في التخفيض من الضغط النفسي داخل الوسط العقابي ،كما تتحدد هذه الدراسة بالمنهج العيادي لدراسة الحالة من جميع جوانبها، ورصد بدقة عن أهم أعراض الضغوط وكذا تقييم الحالة بعد إجراء العلاج، وكذلك تتحدد الدراسة بالعينة المستخدمة والمتمثلة في أربعة حالات تعاني من حالات ضغط نفسي الموقوفين بمؤسسة إعادة التربية باتنة سبتمبر 2009 تم مقابلتهم بناء على طلبهم للفحص النفسي وكذلك عن طريق التوجيه من طرف طبيب المؤسسة.
أما أدوات الدراسة فكانت المقابلة التشخيصية والعلاجية والتي نشخص ونقيم الحالة من خلالها.
4-أهداف الدراسة:
تهدف هذه الدراسة إلى التعرف على مدى تأثير أسلوب التعديل المعرفي السلوكي والمتمثل في إعادة التقييم المعرفي والوعي الانتقائي وكذلك أسلوب التدريب على الاسترخاء، ولهذا تكمن أهمية هذه الدراسة في أننا نحاول أن نلقي الضوء على جانب من الجوانب العلاجات الحديثة والمتمثلة في العلاج المعرفي السلوكي بهدف علاج حالات الضغط التي يعاني منها المسجون في الوسط العقابي
وعليه لما كانت قضية الضغوط النفسية من المسائل المرتبطة بالصحة النفسية والجسدية للمسجون نحاول في دراستنا هذه أن نقترح أسلوبا علاجيا لضغوط الوسط العقابي.
5-بعض المفاهيم المرتبطة بالدراسة
1. التعديل المعرفي السلوكي: هي تقنية علاجية يتم من خلالها إعادة تفكير وتفسير وتحكم في المواقف الضاغطة، وكذا تعديل السلوك وهذا بإزالة السلوكات غير مرغوبة.
كما يمكن تعريفه بأنه عملية معرفية متواصلة بواسطتها يقيم الفرد الوضعية الضاغطة.
2. الضغط النفسي: يعرف الضغط النفسي بأنه الاستجابة الغير نوعية للجسم لأي طلب دافع، كما انه هو الطريقة اللاإرادية التي يستجيب بها الجسد باستعداداته العقلية والبدنية لأي دافع وهو يعبر عن مشاعر التهديد.
I-الوسط العقابي:
1-واقع أنظمة السجون في العالم:
تعتبر عقوبة السجن احد أنواع الأساليب العقابية التي تقع على أشخاص ، نتيجة اقترافهم أفعال إجرامية مست بأمن الدولة والمجتمع وسلامة أفراد، ولعل تاريخ الفكر الجنائي يشهد بكثير من الانجازات التي ساهم بها المفكرون والباحثون في مجال تطوير أساليب رد الفعل الاجتماعي اتجاه المحكوم عليهم، فبعد أن كان السجن في المجتمعات القديمة وسيلة لردع الجاني بوضعه في أماكن مغلقة تعزله عن المجتمع دون مراعاة أدنى شروط الإيداع يضاف إلى ذلك القسوة الطبقة والشدة في التنفيذ، جاءت مرحلة سيطرت الكنيسة على الحكم في الكثير من الدول فطبق نظام السجن واستخدم بشكل واسع حيث ظهرت فكرة السجن الانفرادي وكان الهدف منه تهذيب واصطلاح المحكوم عليه.
وفي القرن العشرين انتقل الباحثون من فكرة تعديد أنواع السجون وأنظمتها العقابية إلى أنواع أساليب المعاملة العقابية أي البحث في فلسفة الإصلاح وتقويم التدابير الحالية.
2- تعريف السجن: هو مكان لإيداع المحكوم عليهم قضائيا أو بيئة مغلقة يتم من خلالها تنفيذ العقوبة التي تصدر فيها الهيئة المخولة أحكام جزائية.
3-أنظمة السجون في الجزائر:
إن نظام إدارة السجون في الجزائر تكاد تكون متشابهة مثل أنظمة بقية الدول فنظام السجون يقوم عادة على البيئة المغلقة أين يكون فيها الأسلوب المتبع لتطبيق العقوبة السالبة للحرية في وسط تحكمه حواجز مادية تمنع أي تصرف من السجين قد يساعده على الهرب أو الخروج من المؤسسة دون أمر من قاضي تطبيق الأحكام الجزائية: الأسوار العلية، القضبان، الأسلاك الشائكة الملتفة حول الأسوار، الحراسة الشديدة....الخ
أنواع السجون في الجزائر: تتميز معظمها بنظام البيئة المغلقة والمتمثلة في :
1. مؤسسات الوقاية:
وتنشأ هذه المؤسسات لاستقبال المتهمين والمحكوم عليهم بعقوبات تقل عن ثلاثة أشهر حسب ما أوردته المادة 26 من قانون تنظيم السجون وإعادة التربية تحدث في دائرة اختصاص كل مجلس قضائي مؤسسات للوقاية تقام قرب المحاكم وتخصص لحبس المتهمين والمحكوم عليهم بأحكام مدتها ثلاثة أشهر فاقل أو الذين تبقى على انتهاء عقوبتهم مدة ثلاثة أشهر فاقل وكذلك لحبس المكرهين بدنيا ومؤسسات الوقاية في الجزائر معممة تقريبا على كامل التراب الوطني بحيث يبلغ عددها 76 مؤسسة على مستوى التراب الوطني، كما تعرف هذه المؤسسات أيضا بمؤسسات الاحتياط.
2. مؤسسات إعادة التربية:
هي نوع من السجون ذات البيئة المغلقة وتنشا هذه المؤسسات لاستقبال المتهمين والمحكوم عليهم بعقوبات تقل عن سنة حبس وهذا ما أكدته الفقرة 2 من المادة 26 من قانون تنظيم السجون وإعادة التربية كما تحدث بالنسبة لكل مجلس قضائي مؤسسة لإعادة التربية معدة لحبس المتهمين والمحكوم عليهم بأحكام تقل عن سنة واحدة أو الذين بقي على انتهاء عقوبتهم مدة سنة واحدة فاقل ومؤسسات إعادة التربية في الجزائر هي متواجدة بعدد 36 مؤسسة على مستوى التراب الوطني.
3. مؤسسات إعادة التأهيل:
هي نوع من مؤسسات السجون ذات البيئة المغلقة التي تنشا لاستقبال المتهمين والمحكوم عليهم بعقوبات تفوق السنة وهو ما نصت عليه الفقرة الثالثة من المادة 26 من قانون تنظيم السجون وإعادة التربية وتحدثت مؤسسات لإعادة التأهيل مكلفة بحبس المتهمين والمحكوم عليهم بأحكام تفوق السنة والمحكوم عليهم بعقوبة السجن المؤبد والجانحين المعتادين مهما كانت مدة العقوبة الصادرة بحقهم ، مؤسسات إعادة التأهيل بالجزائر او ما يعرف بمؤسسات التكييف يبلغ عددها 6 مؤسسات على مستوى التراب الوطني.
II-الضغوط النفسية:
تعتبر الضغوط من الظواهر الإنسانية المعقدة التي تتجلى في مضامين بيولوجية ونفسية واجتماعية ومهنية و لان كل من المضامين لها انعكاساتها النفسية وبسبب أن نواتج الضغوط تظهر في مخرجات فسيولوجية ونفسية.فمفهوم الضغط يجب أن ينظر إليه باعتباره مفهوم معقد وله أبعاد اجتماعية واقتصادية وسياسية ومهنية( بنائية- وظيفية) باعتبارها المجال الذي يتحرك فيه الفرد وهي منشئة للضغوط وأبعاد ذاتية( جسمية،عقلية، معرفية، نفسية) وهذه الأبعاد الأخيرة تتصف بأنها يمكن أن تكون منشئة للضغوط وفي ذات الوقت نواتج ومنبئة بان الفرد يقع تحت تأثير ضغوط ما وتدرك هذه الأبعاد باعتبارها من المكونات الكلية لطبيعة الضغط .
1- تعريف الضغط النفسي: تعد محاولة تعريف الضغط النفسي من المحاولات التي تكتنفها كثير من الصعوبات من الناحية العلمية فهي عملية ترتبط بتحديد ظاهرة الضغوط النفسية ذاتها فما التعريف العلمي إلا كلمات لها مدلولات علمية تحدد طبيعة الظاهرة تحديدا جامعا مانعا وكما رأينا فان الضغوط النفسية هي ظاهرة معقدة ومتداخلة الإبعاد والعلاقة بين أبعادها ديالكتيكية دائرية ولم يتفق العلماء على تعريف بعينه يمكن أن يعكس من الناحية الكيفية والكمية للضغوط النفسية .من أهم المفاهيم التي يمكن أن نسوقها لتعريف الضغط ما يلي:
- من أهم المفاهيم للضغط النفسي تعريف "هانز سيلي" حيث يعرف الضغط النفسي بأنه الاستجابة الغير نوعية للجسم لأي طلب دافع، كما انه هو الطريقة اللاإرادية التي يستجيب بها الجسد باستعداداته العقلية والبدنية لأي دافع وهو يعبر عن مشاعر التهديد . ويرى" سيلي" أيضا أن الضواغط هي أي مثيرات قادرة على أن تنتج استجابة تكيفيه سوماتية .
ويرى "كاندلر"( Candler) أن الضغط النفسي حالة من التوتر العاطفي تنشأ من أحداث الحياة المرضية.
2- وجهات النظر المشخصة لمصادر هذه الظاهرة: اختلفت النظريات التي اهتمت بدراسة الضغوط طبقا لاختلاف الأطر النظرية التي تبنتها وانطلقت منها، فهناك نظريات ذات أسس نفسية أو فسيولوجية أو اجتماعية، ومن أهم هذه النظريات ما يلي :
1. نظرية "كانون" Cannon Theory:
يعتبر "كانون" أحد الرواد الأوائل في بحوث الضغط، وعرف الضغط بأنه ردود فعل الجسم في حالة الطوارئ، وأشار إلى مفهوم استجابة المواجهة أو الهروب Fight or Flight ، التي قد يسلكها الفرد حيال تعرضه للمواقف المؤلمة في البيئة وتعتبر هذه الاستجابة تكيفية لأنها تمكن الفرد من الاستجابة بسرعة للتهديد، غير أنها قد تكون ضارة للكائن لأنها تزيد من مستوى أدائه الانفعالي والفسيولوجي عندما يتعرض لضغوط مستمرة ولا يستطيع المواجهة أو الهروب، ويحدث تنشيط للجهاز العصبي السمبثاوي والجهاز الغددي مما يؤدي إلى حدوث تغيرات فسيولوجية تجعل الشخص مستعداً لمواجهة التهديد أو الهروب، ويرى "كانون "أن جسم الإنسان مزود بميكانيزم يساهم في الاحتفاظ بحالة من الاتزان، أي قدرة الجسم على مواجهة التغيرات التي تحدث وكذلك ميله إلى العودة إلى الوضع الفسيولوجي الذي كان عليه قبل الضغط، وبالتالي فإن أي متطلب بيئي إذا فشل الجسم في التعامل معه فإنه يخلّ بهذا الاتزان، ومن ثم ينتج المرض .(Cannon, 1932)
2. نظرية "فرويد" للتحليل النفسي :Psychoanalytic Theory
طبقاً لوجهة نظر "فرويد" تنطوي ديناميات الشخصية على التفاعلات المتبادلة وعلى الصدام بين الجوانب الثلاثة للشخصية وهي الهو Id وهو الجانب البيولوجي للشخصية، والأنا Ego الجانب السيكولوجي للشخصية، والأنا الأعلى Super Ego ويعكس قيم ومعايير المجتمع، فالهو تحاول دائماً السعي نحو إشباع المحفزات الغريزية ودفاعات الأنا تسد عليها الطريق، وبالتالي لا تسمح لهذه المحفزات والرغبات الغريزية الصادرة من الهو بالإشباع ما دام هذا الإشباع لا يتسق ولا يتماشى مع قيم ومعايير المجتمع ويتم هذا عندما تكون الأنا قوية، ولكن عندما تكون الأنا ضعيفة وتكون كمية الطاقة المستثمرة لديها منخفضة فسرعان ما يقع الفرد فريسة للصراعات والتوترات والتهديدات، ومن ثم لا تستطيع الأنا القيام بوظائفها ولا تستطيع تحقيق التوازن بين مطالب وحفزات الهو ومتطلبات الواقع الخارجي، وعلى هذا ينتج الضغط النفسي.
وإن الانفعالات السلبية كالقلق والخوف، ما هي إلاّ امتداد لصراعات وخبرات ضاغطة ومؤلمة مر بها الفرد في الطفولة، ولذلك فإن المشقة والكدر النفسي (Psychological Distress) التي يعانيها الفرد في حياته الحالية هي امتداد للصعوبات والخبرات الماضية والتي حاول التعامل معها من خلال استخدام ميكانيزمات الدفاع في الطفولة والتي تبدو غير توافقية وغير ملائمة اجتماعياً للمواقف والخبرات المؤلمة حالياً (Freud, 1949).
3. نظرية التقييم المعرفي "للازاروس" : Cognitive Appraisal Theory
أكد "لازاروس"(1966) Lazarus أن طريقة تفكير الفرد بالمواقف التي يتعرض لها هي التي تسبب الضغط له، بمعنى أنه حين يكون الموقف مجهدا،يجب أن ندرك أولا بأنه كذلك، أي يجب إدراكه بأنه مهدد لصحة الفرد وسلامته بمعنى أن الأساس في هذه النظرية أن الاستجابة للضغط تحدث فقط عندما يقوّم الفرد موقفه الحالي بأنه مهدد، أي يحاول الفرد تقييم الموقف معرفياً بصورة أولية لتحديد معنى الموقف و دلالته، وأن رد الفعل يظهر عندما يدرك الفرد أن بعض القيم أو المبادئ المهمة تبدو مهددة. ففي هذه المرحلة يتم تقييم جميع المنبهات على أنها ضارة أو مفيدة أو لا تشكل أية خطورة، ثم بعد ذلك يقوم بعملية تقييم ثانوي لتحديد مصادر المواجهة التي يستند إليها في التعامل مع الموقف، ثم القيام باستجابة المواجهة إزاء الموقف الضاغط وهو ما سماه "لازاروس" بعملية التقييم الأولي و الثانوي، وكلتا المرحلتين متأثرة بعدد من العوامل الآتية :
1- طبيعة المنبه نفسه.
2- خصائص الفرد الشخصية.
3-الخبرة السابقة بالمنبه.
4- ذكاء الفرد.
5- المستوى الثقافي للفرد.
6- تقويم الفرد لإمكاناته (Lazarus, 1966)
4. نظرية أحداث الحياة الضاغطة" لهولمز "و" راهي": Critical Life Events Theory
أكد كل من "هولمز" و "راهي" (1967) Holmes& Rahe أن أحداث الحياة وتغيرات البيئة الخارجية سواء أكانت ايجابية أو سلبية من شأنها أن تسبب ضغطا على الفرد، وأعدا بذلك مقياساً لقياس تأثير أحداث الحياة الضاغطة على الأفراد، وأن الأفراد ذوي الدرجات المرتفعة على المقياس هم الذين يتعرضون للإصابة بالأمراض مقارنة بالأفراد ذوي الدرجات المنخفضة فيه، وأن تكدس وتراكم أحداث الحياة الضاغطة(أي الضواغط البيئية) يحدث المشقة والضيق للفرد ،وترتبط أحداث الحياة الضاغطة التي تكون مهددة وغير مرغوبة اجتماعيا ولا يمكن التحكم والتنبؤ بها بالمشقة النفسية، وكذلك ترتبط بالاكتئاب والقلق وظهور بعض الاضطرابات الذهنية مثل البارانويا والشيزوفرينيا، وقد تؤدي هذه الأحداث أيضا الى المنغصات اليومية وبالتالي الى الأعراض والاضطرابات النفسية (Holmes & Rahe, 1967, p:210-218).
5. نظرية العجز المكتسب" لسيلجمان ":Learned Helplessness Theory
أرجع "سيلجمان"(1975) Seligman ، مفهوم العجز المتعلم أو المكتسب Learned Helplessness إلى أن تكرار تعرض الفرد للضغوط مع تزامن اعتقاده بأنه لا يستطيع التحكم في المواقف الضاغطة أو مواجهتها فإن هذا من شأنه أن يجعل الفرد يشعر بالعجز وعدم القيمة أو الاستحقاق، وأن هذا الشعور بالعجز يجعله يبالغ في تقييمه للأحداث والمواقف التي يمر بها ويشعر بالتهديد منها، ويشعر بعدم قدرته على مواجهتها مما يجعله يشعر بالفشل بشكل مستمر، ويدرك أن فشله وعدم قدرته على المواجهة في الماضي والحاضر سوف تستمر معه في المستقبل ومن ثم يشعر باليأس ثم يترتب على ذلك الشعور بالسلبية والبلادة وانخفاض تقدير الذات ونقص الدافعية والاكتئاب.
وتعود أسباب العجز المتعلم إلى نوعين من العوامل: أولها عوامل بيئية ضاغطة سواء في الحياة الأسرية أو المهنية أو الاجتماعية للفرد، وثانيهما إلى عوامل ذاتية وتتعلق بالشخص ذاته وبخصائص شخصيته والتي على أساسها يتحدد نوع الاستجابة التي تصدر عنه إزاء الأحداث الضاغطة، ومن أمثلة ذلك مفهوم الفرد عن ذاته ومركز التحكم والمرونة والانطوائية (Seligman, 1975).
6. نظرية فعالية الذات "لباندورا" :Self- Efficacy theory
أشار "باندورا" (1977) Bandura إلى أن قدرة الفرد على التغلب على الأحداث الصدمية والخبرات الضاغطة تتوقف على درجة فاعلية الذات Self-Efficacy لديهِ، وأن فاعلية الذات لدى الفرد تنمو من خلال إدراك الفرد لقدراته وإمكاناته الشخصية ومن خلال تعدد الخبرات التي يمر بها في حياته، حيث تعمل هذه الخبرات في مساعدة الفرد على التغلب على المواقف الضاغطة التي تواجهه، ويؤكد "باندورا" أيضاً أن الشخص عندما يواجه بموقف معين فإنه يقيم الموقف من خلال نوعين من التوقعات، وهما: أولاً توقع النتيجة، ويشير ذلك إلى تقويم الفرد لسلوكهِ الشخصي الذي يؤدي إلى نتيجة معينة، وثانيا توقع الفاعلية ويشير ذلك إلى اعتقاد الشخص وقناعته بأنه يستطيع تنفيذ السلوك الذي يتطلب حدوث النتيجة بشكل ناجح، وعلى ضوء ذلك صاغ "باندورا" نظريته عن فعالية الذات، وأن توقعات الفاعلية لدى الفرد عندما تكون في تزايد تكون مصادر الفرد كافية لمواجهة الموقف، وبالتالي يصبح الموقف أقل تهديداً للفرد (Bandura, 1977, p:191-215).
7. نظرية مفهوم الحاجة "لموراي" :Need Concept Theory
يعتبر "موراي" أن مفهوم الحاجة ومفهوم الضغط مفهومان أساسيان على اعتبار أن مفهوم الحاجة يمثل المحددات الجوهرية للسلوك، ومفهوم الضغط يمثل المحددات المؤثرة والجوهرية للسلوك في البيئة، ويعرف الضغط بأنه صفة لموضوع بيئي أو لشخص تيسر أو تعوق جهوده للوصول الى هدف معين، ويميز "موراي" بين نوعين من الضغوط هما :
أ- ضغط بيتا Beta Stress: ويشير الى دلالة الموضوعات البيئية والأشخاص كما يدركها الفرد.
ب- ضغط ألفا : Alpha Stress ويشير الى خصائص الموضوعات ودلالتها كما هي.
ويوضح "موراي" أن سلوك الفرد يرتبط بالنوع الأول من الضغوط ويؤكد على أن الفرد بخبرته يصل الى ربط موضوعات معينة بحاجة بعينها، ويطلق على هذا مفهوم تكامل الحاجة، أما عندما يحدث التفاعل بين الموقف الحافز والضغط والحاجة الناشطة فهذا ما يعبر عنه بمفهوم ألفا(عثمان، 2001،ص:100).
8. نظرية حفظ المصادر" لهوبفول":Conservation of resources theory
يرى "هوبفول"(1989)Hobfoll،أن الضغط يحدث عند وجود واحدة من الحالات التالية: أولاً عندما يعاني الفرد من فقدان مصادر السعادة(المفيدة) التي يمتلكها في مواجهة الضغوط، وثانياً عندما تكون هذه المصادر معرضة للتهديد، وثالثاً عندما لا يتم استثمار أو تفعيل هذه المصادر.
وقد صنف "هوبفول" المصادر إلى أربعة أصناف وهي أولاً: المصادر الموضوعية(الحسية) مثل البيت والملابس والحصول على وسائل النقل وغيرها، وثانياً: المصادر الحالية مثل الوظيفة والعلاقات الإنسانية، وثالثاً: المصادر الشخصية مثل المهارات أو فاعلية الذات self-efficacy، ورابعاً: مصادر الطاقة وهي المصادر التي تسهل تحقيق المصادر الأخرى مثل توفر المال والقروض والمعرفة .(Hobfoll,1989,p:513-524)
وتوصل "هوبفول" وجماعته(1996) إلى مجموعة من الفرضيات أو(المبادئ) التي تركزت على نظرية صيانة أو حفظ المصادر وهي:
( Hobfoll,et al.,1996,p:322-349)
1/ أن فقدان المصادر يعتبر السبب الرئيسي للضغط بسبب تعرض الفرد لمحنة.
2/ تقوم المصادر على حماية وحفظ المصادر الأخرى. فمثلاً تقدير الذات هو مصدر مهم وقد يكون مفيداً لبقية المصادر، فمثلاً وِجد أن النساء اللواتي لديهنّ تقدير ذات مرتفع يستطعنّ الاستفادة من الدعم الاجتماعي عند مواجهتهنّ للضغط على عكس النساء اللواتي لديهنّ تقدير ذات منخفض فإنهنّ يفسرنّ الدعم الاجتماعي على أنه دليل على عدم الكفاية الذاتية وبذلك فإنهنّ يبتعدنّ ولا يستفدن من هذا الدعم (Hobfoll & Lieberman , 1987, p: 18-26 ).
3/ يستنزف الأفراد مصادر المقاومة المخزونة بعد تعرضهم المستمر للمواقف الضاغطة (الضغوط) ،وهذا الاستنزاف يقلل قابلية الفرد لمواجهة ضغوط إضافية. وهذه الحالة توضح أهمية الحفاظ على المصادر وذلك بالتركيز على كيفية التفاعل بين المصادر ومتطلبات متغيرات الموقف باستمرار الزمن، باعتبارها عملية كشف للضغوط المتعاقبة، إن هذا المبدأ يظهر أهمية فحص النتيجة على المصادر بالإضافة إلى فحص المصادر على النتيجة.
ومن خلال عرض النظريات المختلفة المفسرة للضغوط ترى الباحثة أن أقرب النظريات ملاءمةً لهذه الدراسة هي نظرية "هوبفول" لحفظ المصادر الشخصية ، حيث ظهر ومن خلال الدراسات والبحوث السابقة أن المصابات بسرطان الثدي يعانينّ من المشقة والضيق بسبب فقدان أو تهديد كثير من مصادر الراحة والسعادة نتيجة مرض السرطان والتأثيرات الجانبية للعلاج ولأن هذا المرض يتصف بطول فترة العلاج وبالتالي استنزاف مصادر أخرى من المريضة ، ومن هذه المصادر البيت والعائلة والعلاقات الإنسانية والفاعلية الذاتية وتقدير الذات ونقص المال أو فقدان الوظيفة بسبب العلاج وغيرها من المصادر المهمة لسعادة ورفاهية الإنسان.
1- منهج البحث:
لقد اعتمدنا في دراستنا هذه على المنهج العيادي كونه المنهج الأنسب من حيث التشخيص والعلاج.
2 - عينة البحث:
لقد تم اختيار عينة الدراسة والمتمثلة في أربعة حالات منها ما جاء طلبهم للفحص النفسي بشكل عادي أي بمحض إرادتهم.
3- أدوات البحث:
لقد اعتمدنا في دراستنا هذه على أداة المقابلة حيث نشخص من خلالها الحالة ونعالجها.
المقابلة: وهي وسيلة هامة من أجل تشخيص المريض وعلاجه وذلك عن طريق رصد كافة الأعراض التي يعاني منها المفحوص وهذا من خلال التفاعل الدينامي بين المريض والمعالج ، وكذلك إعادة تقييم المحتوى المعرفي للأفكار الضاغطة ، والحالات التي نحن في صدد علاجها اتبعنا الإجراءات العلاجية :
1- معرفة بعض التفاصيل عن ماضي المريض وهذا بإتباع أسلوب دراسة الحالة.
2- التعرف على أهم الأعراض النفسية والجسمية التي يعاني منها المريض الحالة.
3- التعرف على أهم المواقف الضاغطة كما يدركها المريض.
4- الكشف عن المحتوى المعرفي للمواقف الضاغطة.
5- إعادة التقييم المعرفي للمفحوص "البدائل المعرفية".
كل هذه الخطوات المذكورة آنفا تتم عن طريق عدة مقابلات ما بين 5 إلى 6 مقابلات يتم من خلالها تشخيص و إعادة التقييم معرفي لحالة الضغط التي يعاني منها المريض.
6- الاسترخاء بعد متابعة المفحوصين عن طريق عدة مقابلات والتي من خلالها يتم الكشف عن المحتوى المعرفي للضغوط وكذا إعادة التقييم المعرفي لهذه الأفكار ندرب بعدها المفحوص على تمارين الاسترخاء العضلي والتنفس وكذلك تقنية الوعي الانتقائي.
تشخيص الحالة:
في الطب النفسي وعلم النفس يتطلب التشخيص عمليات أساسية تشتمل على الملاحظة الوصف، تحديد الأسباب، التصنيف والتحليل الدينامي بغية التوصل إلى افتراض دقيق عن طبيعة وأساس مشكلة المريض وبغية التنبؤ ورسم ومباشرة خطة العلاج ومتابعتها وتقويمها. ونحن في دراستنا هذه سنستعين بهذه العمليات التي من خلالها نستطيع أن نرصد أهم أعراض الضغوط التي يشكو منها المريض وهذه عن طريق المقابلة التشخيصية فالمحادثة التي تتم بين المعالج والمريض نستطيع من خلالها التعرف على المحتوى المعرفي للضغط ومن ثم فهم الكيفية التي يقيم بها المريض ضغوطه لنصل إلى بناء معرفي آخر من اجل تعديل أفكار المريض.
4- التقنيات العلاجية المستخدمة:
1/الأسلوب السلوكي:
يتمثل الأسلوب السلوكي المستخدم في التدريب على الاسترخاء
1-التدريب على الاسترخاء:
يستغرق تدريب المرضى على الاسترخاء العضلي المنظم في العيادات النفسية عادة ست جلسات علاجية، في كل منها يجب أن نخصص عشرين دقيقة على الأقل لتدريبات الاسترخاء. وفي نفس الوقت يطلب من المريض أن يمارس التدريبات على الاسترخاء مدة خمس عشرة دقيقة يوميا بنفسه بحسب الإرشادات العلاجية.
ويجب قبل البداية في التدريب على الاسترخاء أن نعطي الشخص تصورا عاما لطبيعة اضطرابه النفسي (أي القلق)، وأن نبين، له أن الاسترخاء العضلي ما هو إلا طريقة من طرق التخفيف من التوترات النفسية والقلق.
لهذا نجد أن مجرد الاسترخاء العادي بالرقاد على أريكة (أو سرير) يؤدي إلى آثار مهدئة ملحوظة. والسبب في هذا أن هناك علاقة واضحة بمدى استرخاء العضلات وحدوث تغيرات انفعالية ملطفة (أو مضادة للقلق).
ولا يوجد ترتيب محدد للأعضاء التي يجب البداية باسترخائها ولكن من الضروري بالطبع أن يبدأ التدريب على الاسترخاء ببعض أعضاء الجسم حتى يتمكن الشخص بالتدريج وبنجاح من ضبط قدرته على استرخاء عضلات الجسم كله.
ويفضل المعالجون السلوكيون عادة البداية بالتدريب على استرخاء عضلات الذراع لسهولة ذلك من ناحية، وليتعلم المريض بشكل واضح معنى الاسترخاء العضلي ونتائجه من ناحية أخرى ثم يتم الانتقال بعد ذلك منطقة الرأس لان كثيرا من العوامل ا لمهدئة للتوتر تتركز في القدرة على السيطرة على عضلات الوجه ومنطقة الرأس بشكل عام... وهكذا.
(فيصل محمد خير الزراد،العلاج السلوكي لحالات القلق والتوتر النفسي،2000)
1-2 أسلوب "جاكبسون" في الاسترخاء:
يتم في هذا الأسلوب تدريب كل عضلة من عضلات جسم الإنسان: تدريب الأذرع على الاسترخاء، ثم تدريب منطقة الرأس، ثم باقي مناطق الجسم حتى القدمين، يطلب من المريض أن يسترخي أو يستريح على كرسيه تمام ثم يطلب منه إغلاق قبضة يده اليمنى والشد عليها إلى أن يشعر بفعالية شديدة تزداد كل ما حاول المريض الشد على قبضته أكثر، ثم يحاول المريض أن يتصور أو أن يشبه هذا الشعور الذي وصل إليه من التوتر والاسترخاء العضلي،وبعد والي خمسة ثواني يطلب من المريض أن يسترخي ويدع قبضته تنفتح وتسترخي مع الساعد والأصابع والمعصم وبحيث تتدلى الذراع، وفي الوقت نفسه يلاحظ المريض الفرق بين حالة التقلص أو الشد وبين حالة الاسترخاء والراحة، ويكرر المريض التمرين مرة أو مرتين أو أكثر ، وحتى يستطيع المعالج أن يشعر بان المريض كون فكرة عملية واستطاع أن يضبط أو يسيطر على عضلات هذا الجزء من الجسم.
وهكذا ينتقل المعالج بالطريقة نفسها إلى اليد اليسرى ومقدمة الذراع اليسرى، وبعد ذلك يطلب من المريض التدريب كلتا الذراعين، وذلك مع ضرورة الإبقاء على باقي عضلات الجسم في حالة راحة واسترخاء قدر المستطاع، ثم يتحول المعالج إلى القسم الأعلى من الذراع، فيطلب من المريض أن يثني ذراعه من المرفق بحيث تكون بارزة ومشدودة قدر المستطاع، ويطلب منه ان يزيد من عملية الشد و التوتر، وان يبقى على هذه الحالة في لبضع ثواني، بعد ذلك يطلب منه ان يسترخي ويدع ذراعه تسقط حرة مسترخية دون أي توتر ما أمكن ،وفي هذه الحالة يعطي المريض بعض المعلومات عن إحساسه بعمليتي التوتر والاسترخاء والفرق بين الحالتين، ويتكرر هذا التمرين في اليد اليمنى ثم اليسرى،ثم كلتا اليدين معا،وبعد ذلك يطلب من المريض تقليص العضلة العليا الخلفية للذراع وتعاد المراحل السابقة نفسها من التقلص والاسترخاء وحتى يصبح التمييز واضحا بين الحالتين قدر الإمكان.
وبعد الانتهاء من كل عملية يتأكد المعالج من أن المريض يستطيع أن يقوم بعملية استرخاء وتقليص صحيحة، وذلك عن طريق اختبار بسيط هو رفع الذراعين قليلا وتركهما تسقطان على ذراع الكرسي،وبعد ذلك ينتقل المعالج إلى رأس المريض وعنقه، مع تكرار عملية الاسترخاء والتقلص،مع الاهتمام بعضلات الشفاه واللسان والفكين ،والأنف وفروة الرأس والجبهة وحول العينين، وتعالج هذه الأجزاء بنفس الأسلوب والطريقة التي استخدمه في تدريب الذراعين.
بعد ذلك ينتقل المعالج بالمريض إلى عضلات الصدر وذلك مع الاعتماد على عملية التنفس، أو من طريق القيام بحركات ضغط على الطرف العلوي من الذراعين والكتفين، مع تنفس عميق يصاحبه توتر، ثم زفير قوي مع استرخاء. أما بالنسبة للمعدة فيكون العمل هنا صعبا إلى حد ما وخاصة بالنسبة إلى النساء، ذلك أن الهدف هو جعل القسم الداخلي من الأعضاء في حالة توتر ويتم ذلك عن طريق شد المعدة وسحبها نحو الداخل باتجاه الظهر،ثم الاسترخاء، وكذلك عضلات الظهر،فإنها تعالج عن طريق تقويس الظهر لدرجة التوتر، ثم بعد ذلك الاسترخاء وتكرار العملية مرات عدة، يلي ذلك ثني الركبة قدر المستطاع وحتى تتقلص عضلات الردفين من ثم أصابع القدم، وبطة الساق(Calves)....الخ، ويلاحظ أن هذه الأمثلة تركزت على العضلات الأساسية في الجسم وليس كلها ، ومع ذلك فهي كافية لأحداث عملية استرخاء مضادة لحالة القلق الخفيف.
(فيصل محمد خير الزراد،العلاج السلوكي لحالات القلق والتوتر النفسي،2000)
2/الأسلوب المعرفي:
يدمج هذا النموذج بين الحقائق النظرية التي توصل إليها الاتجاه الذي اخذ من البنية المعرفية والعمليات العقلية إطارا مرجعيا و أساسا نظريا لتفسير الشخصية والسلوك الإنساني فكان التفكير والتذكر والتخيل والاستنباط والاستنتاج والعمليات العصبية ، وبين تلك الأنساق الفكرية والنظريات التي أقرتها النظرية السلوكية فكان المثير و الاستجابة والارتباط بينهما والتكرار وتكوين العادة والارتباط الاشراطي وكذلك قوى البيئة ومؤثرات المجال هي وحدات تفسيرية لتفسير الشخصية والسلوك الإنساني والعمليات النفسية الأخرى حيث يصعب إرجاع شخصية الفرد وسلوكه إلى واحدة من هذه الوحدات بعينها دون غيرها ولكن إلى تفاعلها الكلي الدينامكي.
ففي الحقيقة لا يمكن عزل الضغوط التي يتعرض لها الأفراد عن الطريقة التي يفكرون بها و عن ما يحملونه من أراء واتجاهات ومعتقدات نحو أنفسهم ونحو الموقف التي يتفاعلون معها وكذلك لا يمكن عزل هذه الضغوط عن ما يتعلمه الفرد و ستدمجه في بيئته الاجتماعية من البيئة وقوى المجال المحيطة طبقا لمقتضيات ومحددات وقوانين المدرسة السلوكية وسوف يتم تناول الفنيات الآتية لتحقيق هذا النموذج.
2-1الوعي الانتقائي: فيعتبر أكثر العوامل التي تؤثر في النشاط الفسيولوجي لأعضاء الجسم الداخلية هو تركيز الانتباه العقلي فتوجيه أفكارنا الانتباهية إلى الميكانيزمات العصبية يمكن أن يكون له تأثير على كل العمليات الفسيولوجية .
والحقيقة أن التأمل وبعض التدريبات الاسترخائية هي وعي انتقائي حيث يوجه فيها الفرد وعيه إلى أشياء بعينها وغالبا هي تزيد الوعي الجسمي كما أن الوعي الانتقائي يزيد من فاعلية الاسترخاء والهدف أن تكسب التحكم في تركيز الانتباه واستخدام ذلك كوسيلة للتغلب على الضغوط.
وهناك هدفان رئيسيان للوعي الانتقائي عند تطبيقه على التحكم في الضغوط الهدف الأول هو تدريب القدرة على التركيز والمساعدة على إدراك هذه القدرة في التحكم في الأفكار، والهدف الثاني هو التدعيم بدافع عقلي ايجابي ملموس يمكن أن يدحض التأويل السلبي.
(هارون توفيق ألرشدي الضغوط النفسية، طبيعتها-نظريتها برنامج لمساعدة الذات وعلاجها)
الأساس النظري الذي يعتمد عليه الوعي الانتقائي:
الأساس الأول:
يركز الوعي الانتقائي على فكرة أن الفرد يستطيع أن يتحكم في أفكاره واتجاهات الانتباه العقلي لديه. والمقولة الأساسية في هذا الشأن هي أن البشر لديهم قدر محدود من الوعي ولكن ما يمتلكونه بوفرة هي القدرة على تكوين هذا الوعي.
الأساس الثاني:
إن الانتباه العقلي دائما يكون موجها إلى العوامل المهددة من البيئة الخارجية فلكي يستمر الكائن البشري في البقاء فان النظم العصبية مصممة لتركيز الانتباه على أكثر العوامل تهديدا في البيئة الخارجية وبهذا فانه يسهل توجيه الانتباه ونستجيب بصورة مناسبة للمهددات الخارجية.
الأساس الثالث:
بالرغم من أن المجال الإنتباهي للفرد يكون موجها إلى الأشياء المتحركة والمهددة فانه يستطيع أن يختار ما يفكر فيه و يختار مركز انتباهه ولكن الحقيقة انه يمارس هذه القدرة بندرة.
الأساس الرابع:
أن تركيز الانتباه والوعي الانتقائي هو عنصر هام في تحديد مستوى النشاط لأعضاء الفرد الداخلية فما يفكر فيه هو محدد لنشاطه الجسمي. فإذا استطاع الفرد أن يوجه انتباهه ويركز على أحداث أو أفكار لا تحتوي على استجابة انفعالية فانه يستطيع أن يلغي الاستثارة الفسيولوجية داخل جسمه.
2-2إعادة التقييم المعرفي:
تعتبر الطريقة أو الأسلوب التقييمي الذي نتعامل به مع الضغوط وسيلة فعالة في التحكم فيها ولكن يؤخذ عليه انه ليس له فائدة في مساعدتنا على التعامل مع الضواغط التي حدثت بالفعل، أو تلك الضواغط التي ستقع مستقبلا ويعتبر العامل الحاسم في تحديد الحدث إذا كان ضاغطا أم لا وليست هي طبيعة الحدث لكن طريقتنا في تقويم وتفسير هذا الحدث.
وترجع فكرة تعلم إعادة تقييم الضواغط إلى فكر "هانز سيلي "Selye في الضغط فقد أوضح انه إذا فكرنا في أحداث الحياة على أنها تهديدات فإننا سنكون في أزمات وضغوط وإذا استطعنا أن ننظر إلى نفس الحدث كتحدي فهذا كفيل بالصحة والقوة فتأثير أزمات الحياة لا يكمن في الأحداث نفسها ولا في العالم الخارجي بل يكمن في عقولنا.
وطريقة إعادة التقييم المعرفي هي طريقة لمساعدتنا على إعادة التفكير في الضغوط فمعظم الضغوط هي نفسية المنشأ ويعني هذا إن تفسيرنا للحدث أو الحالة النفسية هي العنصر الأساسي الذي يسبب الاستثارة الفسيولوجية فالتحكم في أي ضغط يتوقف على التحكم في أفكارنا وتفسير الأحداث التي يحتمل أن تصبح ضغطا.
ويهدف إعادة التقييم العرفي إلى تعلم كيف نعيد التفكير في الضغوط النفسية المنشأ بالتالي نغير النموذج النفسجسمي في شعور التقييم المعرفي
2-3 كيف نطبق فنية التقييم المعرفي؟
حدد الن وهادي Allin etHyde الوصف والخطوات التالية كبرنامج يلجا إليه الفرد لتطبيق فنية التقييم المعرفي وهي:
حدد الضغوط: ومن الأفضل أن تبدأ بحدث يتكرر وأن تختار حدث تفسره على انه تهديد أو إثارة للمشاعر ويمكن أن تكون هذه الطريقة مع الضغوط الغير المتوقعة وذلك لان التدخل ربما يحدث بعد وليس قبل وقوع الحدث.
حلل تقييمك: صف كيف تقيم هذا الحدث ما هي الأفكار التي تتوارد وتتداعى إلى تفكيرك أثناء الحدث وبعده مباشرة والتي تسبب الإحباط لك: وتخيفك هل تخاف من ما سوف يحدث لخص ببساطة لماذا تفكر في هذا الحدث كأحد الضغوط.
1-فكر في تقييم بدائل أخرى:ما هي النتائج الأخرى، ما هي الطرق الأخرى التي تستطيع أن تفسر بها هذا الحدث بمجرد أن يحدث أو بعده مباشرة وفكر فيه كتحدي أو كمحفز أو كمثير.
2-راجع قائمة البدائل:أيهما تبدو مقبولة،أيهما أكثر حتمية أن تتجنب أو تهرب؟ اختر تفسير ايجابي صحيح للحدث. واهم شئ أن تتأكد من أن اختيارك سوف يؤدي إلى عناء اقل اختر من البدائل ما يؤدي إلى تقليل الاستثارة وتساعد على التعامل مع الحدث بصورة أكثر فاعلية.
3-جرب التقييم الجديد: في المرة القادمة التي تواجه فيها الضغط قم بعمل جهد لكي تركز عقلك في التفسير الجديد الايجابي وشتت انتباهك عن التقييم السابق والذي كان يسبب زيادة الاستثارة والشعور بالانضغاط. ويصف "ميكانبيم" Michenbaum اقتراحا آخر لتطبيق فنية التقييم المعرفي ويجعل منها عملية مستمرة في حياتنا وتساعدنا على التكيف وهذا الاقتراح هو التطعيم ضد الضغوط Stress Inoculation ويفترض هذا المفهوم أننا نتعامل مع أحداث تتغير بمرور الوقت وعندما تعيد تقييم حدث معين فسوف تتغير خصائصه . ولهذا فان الإنسان يجب أن يكون مستعد التعديل تفسيره بصورة مستمرة وهذه الطريقة تجعل الفرد متكيفا بصورة مستمرة وفعالة مع المتغيرات في حياته.أن تدريب التقييم المعرفي سوف يكون صعبا في البداية كلما مارست هذه التدريبات كلما أصبح هذا الأسلوب المتغلب والسائد في استجابتك ونشاطك العقلي وتذكر دائما أن لديك القدرة على الاختيار تستطيع أن تتحكم في عقلك.
أن طريقة إعادة التقييم هي إحدى الطرق التي سوف تساعدنا في تكييف عقلنا كيف يفسر الأحداث بطريقة صحيحة وتكيفيه.
3-النتائج العلاجية للحالات: بناء على الإجراءات العلاجية التي اتبعنها لعلاج ضغوط الوسط العقابي للعينة موضوع الدراسة والتي اتبعنا فيها أسلوب إعادة التقييم المعرفي والوعي الانتقائي وكذا تمارين الاسترخاء وتدريب المفحوص عليها،لمسنا من خلال المقابلات التقييمية لحالة المفحوصين زوال جزء كبير من اعراض الضغط النفسي ، وأبدى المفحوصون ارتياح كبيرا مقارنة بفترة ما قبل العلاج علما انه طلب من المفحوصين المواصلة على التدريبات والتمارين بشكل يومي لمواجهة الضغوط اليومية في السجن .
المراجع باللغة العربية والاجنبية:
1-الطريري، عبد الرحمن سليمان: الضغط النفسي، مفهومه وتشخيصه، طرق علاجه ومقاومته، الطبعة الأولى 1994.
2- العلاج النفسي السلوكي المعرفي الحديث أساليبه وميادين تطبيقه، د ،ط دار الفجر للنشر والتوزيع القاهرة،1994.
3- ارون بيك، العلاج المعرفي والاضطرابات الانفعالية، ترجمة عادل مصطفى، مراجعة غسان يعقوب،ط1،دار النهضة العربية للطباعة والنشر بيروت، 2000 .
4-أمل سليمان تركي العنزي، أساليب مواجهة الضغوط عند الصحيحات والمصابات بالاضطرابات السيكوسوماتية رسالة لنيل شهادة الماجستير قسم علم النفس جامعة الملك سعود المملكة العربية السعودية 2004. المواقف الضاغطة، مجلة علم النفس، العدد الخامس والثلاثون، الهيئة المصرية العامة للكتاب بالقاهرة، 110-123.
5-- جمعة سيد يوسف ادارة ضغوط العمل، نموذج للتدريب والممارسة، القاهرة: دار ايتراك للطباعة والنشر2004.
6- جمعة سيد يوسف الضغوط النفسية: ابعادها واساليب مواجهتها في الاسس النفسية لتنمية الشخصية الايمانية للسلم المعاصر، القاهرة المعهد العالمي للفكر الاسلامي 2006.
7-عبد الرحمن احمد هيجان 1998 ضغوط العمل: منهج شامل لدراسة مصادرها ونتائجها وكيفية إدارتها، الرياض: معهد الادارة العامة
8- عبد المعطي، حسن ( 1994 ) ضغوط أحداث الحياة وأساليب مواجهتها دراسة حضارية مقارنة في المجتمع المصري والأندونيسي، المجلة المصرية للدراسات النفسي، العدد الثامن، مكتبة الأنجلو المصرية بالقاهرة،47-88
9-علي، علي ( 2000 ) : المساندة الاجتماعية وأحداث الحياة الضاغطة وعلاقتها بالتوافق مع الحياة الجامعية لدى طلاب الجامعة المقيمين مع أسرهم والمقيمين في المدن الجامعية، مجلة علم النفس، العدد53، ص 6-22
10-مشروع الطرق المؤدية إلى التعليم العالي، مركز تطوير الدراسات العليا والبحوث كلية الهندسة جامعة القاهرة إدارة الضغوط 2003
11- مصطفى شريك، نظام السجون في الجزائر، دراسة منشورة بجريدة الشروق اليومي، العدد 660، بتاريخ 28/ 12/ 2002.
12سايل رسالة ماجستير غير منشورة جامعة الجزائر 2001 استراتجيات التعامل لدى المساجين المتعاطين للمخذرات.
13- شيلي تايلور علم النفس الصحي : الطبعة الأولى 2008 دار حامد للنشر والتوزيع عمان الأردن.
14-قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين، الجريدة الرسمية القانون رقم 05- 04 المؤرخ في 06 فيفري سنة 2005، المتضمن ، العدد 12، الصادر بتاريخ 13/02/ 2005 38 -. الأمر رقم 72/ 02 المؤرخ في 10 فيفري 1972 المتضمن قانون تنظيم السجون وإعادة تربية المساجين، وزارة العدل، الجزائر، 1979.
15- هارون توفيق ألرشدي الضغوط النفسية، طبيعتها-نظريتها برنامج لمساعدة الذات وعلاجها2000
15-introduction a la psychologie de la sante , Marilou Bruchon-Schweitzer Et Robert Dantzer, presses universitaires de France, 1 edition :1994
16-Cahier psychiatrie Genevois, N 9,PP 147 154 stress et Coping Nouvelle Approche Klaus R Scherer
17- Folkman S. et Lazarus R.S. (1988b). Manual for the Ways of Coping Questionnaire. Palo Alto (CA) : Consulting Psychologists Press
18- Psychologie de la sante, Modèles concepts et méthodes , Marilou Bruchon- Scheitzer Dunod, paris, 2002.










وفاء

المساهمات : 20
تاريخ التسجيل : 18/11/2008
العمر : 41

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

التعديل المعرفي السلوكي كأسلوب لعلاج الضغوط لدى المساجين Empty رد: التعديل المعرفي السلوكي كأسلوب لعلاج الضغوط لدى المساجين

مُساهمة  PSYALI السبت ديسمبر 04, 2010 12:51 am

شكرا على هذه الدراسة......لكن هل من الممكن أن تزوديني بدراسة حول نظرية "هوبفول" لحفظ المصادر الشخصية .بما أنك تطرقت لها في هذا البحث.
لكي أسهل عليك أن أبحث عن دراسات في الضغط ما بعد الصدمة لدى النساء المصابات بسرطان الثدي.
وبارك الله فيك...... أنتظر الرد؟
PSYALI
PSYALI

المساهمات : 9
تاريخ التسجيل : 10/11/2010
العمر : 35
الموقع : المدية

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى